371
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج7

وضَعَهُ في غَيرِكُم ، فَما كانَ مِن فَضلٍ أو إحسانٍ فَبِكُم وصَلَ إلَينا ، فَأَجَلَّ اللّهُ أقدارَكُم ، وحَمى أخطارَكُم ، وكَتَبَ آثارَكُم ، فَإِنَّ أقدارَكُم مَرضِيَّةٌ ، وأخطارَكُم مَحمِيَّةٌ ، وآثارَكُم بَدرِيَّةٌ ، وأنتُم سُلَّمُ اللّهِ إلى خَلقِهِ ، ووَسيلَتُهُ إلى طُرُقِهِ ، أيدٍ عَلِيَّةٌ ، ووُجوهٌ جَلِيَّةٌ » ۱ .

1.مروج الذهب : ج۳ ص۴۶ .


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج7
370

فَشُؤونٌ ۱ تُفرى ، وهامَةٌ تُختَلى ، لَعَلِمتَ أ نّي أنَا اللَّيثُ الهِزَبرُ .
فَقالَ : حَسبُكَ الآنَ ، لَعَمري لَقَد اُوتيتَ لِسانا فَصيحا ۲ .

۶۵۶۴.مروج الذهب :وفَدَ عَلَيهِ [ أي مُعاوِيَةَ ] ۳ عَقيلُ بنُ أبي طالِبٍ مُنتَجِعا وزائِرا ، فَرَحَّبَ بِهِ مُعاوِيَةُ ، وسُرَّ بِوُرودِهِ ، لِاختِيارِهِ إيّاهُ عَلى أخيهِ ، وأوسَعَهُ حِلما وَاحتِمالاً ، فَقالَ لَهُ : يا أبا يَزيدَ ، كَيفَ تَرَكتَ عَلِيّا ؟ !
فَقالَ : تَرَكتُهُ عَلى ما يُحِبُّ اللّهُ ورَسولُهُ ، وألفَيتُكَ عَلى ما يَكرَهُ اللّهُ ورَسولَهُ .
فَقالَ لَهُ مُعاوِيَةُ : لَولا أ نَّكَ زائِرٌ مُنتَجِعٌ جَنابَنا لَرَدَدتُ عَلَيكَ ـ أبا يَزيدَ ـ جَوابا تَألَمُ مِنهُ . ثُمَّ أحَبَّ مُعاوِيَةُ أن يَقطَعَ كَلامَهُ مَخافَةَ أن يَأتِيَ بِشَيءٍ يَخفِضُهُ ، فَوَثَبَ عَن مَجلِسِهِ ، وأمَرَ لَهُ بِنُزُلٍ ، وحَمَلَ إلَيهِ مالاً عَظيما ، فَلَمّا كانَ مِن غَدٍ جَلَسَ وأرسَلَ إلَيهِ فَأَتاهُ ، فَقالَ لَهُ : يا أبا يَزيدَ ، كَيفَ تَرَكتَ عَلِيّا أخاكَ ؟ !
قالَ : تَرَكتُهُ خَيرا لِنَفسِهِ مِنكَ ، وأنتَ خَيرٌ لي مِنهُ .
فَقالَ لَهُ مُعاوِيَةُ : أنتَ وَاللّهِ كَما قالَ الشّاعِرُ :

وإذا عَدَدت فَخارَ آلِ مُحَرّقٍ
فَالمَجدُ مِنهُم في بَني عتّاب

فَمَحَلُّ المَجدِ مِن بَني هاشِمٍ مَنوطٌ فيكَ يا أبا يَزيدَ ، ما تُغَيِّرُكَ الأَيّامُ وَاللَّيالي .
فَقالَ عَقيلٌ :

اِصبِر لِحَربٍ أنتَ جانيها
لابُدَّ أن تُصلى بِحاميها

وأنتَ وَاللّهِ يَابنَ أبي سُفيانَ كَما قالَ الآخِرُ :
وإذا هَوازِنُ أقبَلَت بِفَخارِها
يَوما فَخَرتُهُم بِآلِ مُجاشِعِ

بِالحامِلينَ عَلَى المَوالي غُرمَهمُ
وَالضّارِبينَ الهامَ يَومَ الفازِعِ

ولكِن أنتَ يا مُعاوِيَةُ إذَا افتَخَرَت بَنو اُمَيَّةَ فَبِمَن تَفخَرُ ؟
فَقالَ مُعاوِيَةُ : عَزَمتُ عَلَيكَ أبا يَزيدَ لَمّا أمسَكتَ ، فَإِنّي لَم أجلِس لِهذا ، وإنَّما أرَدتُ أن أسأَلَكَ عَن أصحابِ عَلِيٍّ فَإِنَّكَ ذو مَعرِفَةٍ بِهِم .
فَقالَ عَقيلٌ : سَل عَمّا بَدا لَكَ .
فَقالَ : مَيِّز لي أصحابَ عَلِيٍّ ، وَابدَأ بِآلِ صوحانَ فَإِنَّهُم مَخاريقُ الكَلامِ .
قالَ : أمّا صَعصَعَةُ فَعَظيمُ الشَّأنِ ، عَضبُ ۴ اللِّسانِ ، قائِدُ فُرسانٍ ، قاتِلُ أقرانٍ ، يَرتِقُ ما فَتَقَ ، ويَفتِقُ ما رَتَقَ ، قَليلُ النَّظيرِ . وأمّا زَيدٌ وعَبدُ اللّهِ فَإِنَّهُما نَهرانِ جارِيانِ ، يَصُبُّ فيهِمَا الخُلجانُ ، ويُغاثُ بِهِمَا البُلدانُ ، رَجُلا جِدٍّ لا لَعِبَ مَعَهُ ، وبَنو صوحانَ كَما قالَ الشّاعِرُ :

إذا نَزَلَ العَدُوُّ فَإِنَّ عِندي
اُسودا تَخلِسُ الاُسدَ النُّفوسا

فَاتَّصَلَ كَلامُ عَقيلٍ بِصَعصَعَةَ فَكَتَبَ إلَيهِ : « بِسمِ اللّهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ ، ذِكرُ اللّهِ أكبَرُ ، وبِهِ يَستَفتِحُ المُستَفتِحونَ ، وأنتُم مَفاتيحُ الدُّنيا وَالآخِرَةِ ، أمّا بَعدُ ، فَقَد بَلَغَ مَولاكَ كَلامُكَ لِعَدُوِّ اللّهِ وعَدوِّ رَسولِهِ ، فَحَمِدتُ اللّهَ عَلى ذلِكَ ، وسَأَلتُهُ أن يُفيءَ بِكَ إلَى الدَّرَجَةِ العُليا ، وَالقَضيبِ الأَحمَرِ ، وَالعَمودِ الأَسوَدِ ؛ فَإِنَّهُ عَمودٌ مَن فارَقَهُ فارَقَ الدّينَ الأَزهَرَ ، ولَئِن نَزَعَت بِكَ نَفسُكَ إلى مُعاوِيَةَ طَلَبا لِمالِهِ إنَّكَ لَذو عِلمٍ بِجَميعِ خِصالِهِ ، فَاحذَر أن تَعلَقَ بِكَ نارُهُ فَيُضِلَّكَ عَنِ الحُجَّةِ ، فَإِنَّ اللّهَ قَد رَفَعَ عَنكُم أهلَ البَيتِ ما

1.الشَّأنُ : واحِدُ الشُّؤون ، وهي مَواصِل قبائل الرأس ومُلْتَقاها ، ومنها تجيءُ الدُّموع (مجمع البحرين : ج۲ ص ۹۲۲).

2.تاريخ الطبري : ج۵ ص۱۸۸ .

3.الجدير بالذكر أنّه لم يثبت ذهاب عقيل بن أبي طالب إلى الشام أيّام حياة أمير المؤمنين عليه السلام .

4.عَضُب لسانُه بالضمّ عُضُوبةً : صار عَضبا ، أي حديدا في الكلام (مجمع البحرين : ج۲ ص۱۲۳۰) .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج7
    المساعدون :
    الطباطبائي، السيد محمد كاظم؛ الطباطبائي نجاد، السيد محمود
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الثانية
عدد المشاهدين : 206558
الصفحه من 532
طباعه  ارسل الي