كَعبُ بنُ جُعَيلٍ التَّغلِبِيُّ وهُوَ يَقولُ :
أصبَحَتِ الاُمَّةُ في أمرٍ عَجَبْ
وَالمُلكُ مَجموعٌ غَدا لِمَن غَلَبْ
فَقُلتُ قَولاً صادِقا غَيرَ كَذبْ
إنَّ غَدا تَهلِكُ أعلامُ العَرَبْ۱
۲۴۸۵.الأخبار الطوال :حَمَلَ حَبيبُ بنُ مَسلَمَةَ ـ وكانَ عَلى مَيسَرَةِ مُعاوِيَةَ ـ عَلى مَيمَنَةِ عَلِيٍّ رضى الله عنه ، فَانكَشَفوا وجالوا جَولَةً . ونَظَرَ عَلِيٌّ إلى ذلِكَ ، فَقالَ لِسَهلِ بنِ حُنَيفٍ : اِنهَض فيمَن مَعَكَ مِن أهلِ الحِجازِ حَتّى تُعينَ أهلَ المَيمَنَةِ .
فَمَضى سَهلٌ فيمَن كانَ مَعَهُ مِن أهلِ الحِجازِ نَحوَ المَيمَنَةِ ، فَاستَقبَلَهُم جُموعُ أهلِ الشّامِ ، فَكَشَفوهُ ومَن مَعَهُ حَتَّى انتَهَوا إلى عَلِيٍّ ـ وهُوَ فِي القَلبِ ـ فَجالَ القَلبُ وفيهِ عَلِيٌّ جَولَةً ، فَلَم يَبقَ مَعَ عَلِيٍّ إلّا أهلُ الحِفاظِ وَالنَّجدَةِ . فَحَثَّ عَلِيٌّ فَرَسَهُ نَحوَ مَيسَرَتِهِ ، وهُمُ وُقوفٌ يُقاتِلونَ مَن بِإِزائِهِم مِن أهلِ الشّامِ ـ وكانوا رَبيعَةَ ـ.
قالَ زَيدُ بنُ وَهبٍ : فَإِنّي لَأَنظُرُ إلى عَلِيٍّ وهُوَ يَمُرُّ نَحوَ رَبيعَةَ ، ومَعَهُ بَنوهُ : الحَسَنُ وَالحُسَينُ ومُحَمَّدٌ ، وإنَّ النَّبلِ لَيَمُرُّ بَينَ اُذُنَيهِ وعاتِقِهِ ، وبَنوهُ يَقونَهُ بِأَنفُسِهِم .
فَلَمّا دَنا عَلِيٌّ مِنَ المَيسَرَةِ وفيهَا الأَشتَرُ ، وقَد وَقَفوا في وُجوهِ أهلِ الشّامِ يُجالِدونَهُم ، فَناداهُ عَلِيٌّ ، وقالَ : اِيتِ هؤُلاءِ المُنهَزِمينَ ، فَقُل : أينَ فِرارُكُم مِنَ المَوتِ الَّذي لَم تُعجِزوهُ إلَى الحَياةِ الَّتي لا تَبقى لَكُم !
فَدَفَعَ الأَشتَرُ فَرَسَهُ ، فَعارَضَ المُنهَزِمينَ ، فَناداهُم : أيُّها النّاسُ ! إلَيَّ إلَيَّ ، أنَا مالِكُ بنُ الحارِثِ ، فَلَم يَلتَفِتوا إلَيهِ ، فَظَنَّ أنَّهُ بِالاِستِعرافِ ، فَقالَ : أيُّها النّاسُ ! أنَا الأَشتَرُ ، فَثابوا ۲ إلَيهِ ، فَزَحَفَ بِهِم نَحوَ مَيسَرَةِ أهلِ الشّامِ ، فَقاتَلَ بِهِم قِتالاً شَديدا