وَارجِع إلى مَعرِفَةِ مالا تُعذَرُ بِجَهالَتِهِ ؛ فَإِنَّ لِلطّاعَةِ أعلاما واضِحَةً ، وسُبُلاً نَيِّرَةً ، ومَحَجَّةً نَهجَةً ، وغايَةً مُطَّلَبَةً ، يَرِدُهَا الأَكياسُ ، ويُخالِفُها الأَنكاسُ ؛ مَن نَكَبَ عَنها جارَ عَنِ الحَقِّ ، وخَبَطَ فِي التِّيهِ ، وغَيَّرَ اللّهُ نِعمَتَهُ ، وأحَلَّ بِهِ نِقمَتَهُ . فَنَفسَكَ نَفسَكَ ! فَقَد بَيَّنَ اللّهُ لَكَ سَبيلَكَ . وحَيثُ تَناهَت بِكَ اُمورُكَ فَقَد أجرَيتَ إلى غايَةِ خُسرٍ ومَحَلَّةِ كُفرٍ ؛ فَإِنَّ نَفسَكَ قَد أولَجَتكَ شَرّا ، وأقحَمَتكَ غَيّا ، وأورَدَتكَ المَهالِكَ ، وأوعَرَت عَلَيكَ المَسالِكَ ۱ .
۲۳۹۸.عنه عليه السلامـ مِن كِتابٍ لَهُ إلى مُعاوِيَةَ ـ: أمّا بَعدُ ، فَإِنَّ الدُّنيا مَشغَلةٌ عَن غَيرِها ، ولَم يُصِب صاحِبُها مِنها شَيئاً إلّا فَتَحَت لَهُ حِرصاً عَلَيها ولَهَجاً بِها ، ولَن يَستَغنِيَ صاحِبُها بِما نالَ فيها عَمّا لَم يَبلُغهُ مِنها . ومِن وَراءِ ذلِكَ فِراقُ ما جَمَعَ ، ونَقضُ ما أبرَمَ ! ولَوِ اعتَبَرتَ بِما مَضى حَفِظتَ ما بَقِيَ . وَالسَّلامُ ۲ .
۲۳۹۹.عنه عليه السلامـ مِن كِتابٍ لَهُ إلى مُعاوِيَةَ ـ: أمّا بَعدُ ؛ فَإِنَّ اللّهَ سُبحانَهُ قَد جَعَلَ الدُّنيا لِما بَعدَها ، وَابتَلى فيها أهلَها ؛ لِيَعلَمَ أيُّهُم أحسَنُ عَمَلاً . ولَسنا لِلدُّنيا خُلِقنا ، ولا بِالسَّعيِ فيها اُمِرنا ، وإنَّما وُضِعنا فيها لِنُبتَلى بِها ، وقَدِ ابتَلانِي اللّهُ بِكَ ، وَابتَلاكَ بي ، فَجَعَلَ أحَدَنا حُجَّةً عَلَى الآخَرِ ، فَعَدَوتَ عَلَى الدُّنيا بِتَأويلِ القُرآنِ ، فَطَلَبتَني بِما لَم تَجنِ يَدي ولا لِساني ، وعَصَيتَهُ أنتَ وأهلُ الشّامِ بي وألَّبَ عالِمُكُم جاهِلَكُم ، وقائِمُكُم قاعِدَكُم ؛ فَاتَّقِ اللّهَ في نَفسِكَ ، ونازِعِ الشَّيطانَ قِيادَكَ ، وَاصرِف إلَى الآخِرَةِ وَجهَكَ ؛ فَهِيَ طَريقُنا وطَريقُكَ . وَاحذَر أن يُصيبَكَ اللّهُ مِنهُ بِعاجِلِ قارِعَةٍ تَمَسُّ الأَصلَ وتَقطَعُ الدّابِرَ ؛ فَإِنّي اُولي لَكَ بِاللّهِ ألِيَّةً غَيرَ فاجِرَةٍ ، لَئِن جَمَعَتني وإيّاكَ جَوامِعُ الأَقدارِ لا أزال