357
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج3

قَبلَهُ ، أو اُخفِيَ عَنهُم عَيبُهُ ، وَالأَمرُ يَحدُثُ بَعدَهُ الأمَرُ ، ولِكُلِّ والٍ رَأيٌ وَاجتِهادٌ .
فَسُبحانَ اللّهِ ! ما أشَدَّ لُزومَكَ لِلأَهواءِ المُبتَدَعَةِ ، وَالحَيرَةِ المُتَّبَعَةِ مَع تَضييعِ الحَقائِقِ وَاطِّراحِ الوَثائِقِ الَّتي هِيَ للّهِِ تَعالى طِلبَةٌ ، وعَلى عِبادِهِ حُجَّةٌ فَأَمّا إكثارُكَ الحِجاجَ عَلى عُثمانَ وقَتَلَتِهِ فَإِنَّكَ إنَّما نَصَرتَ عُثمانَ حَيثُ كاَن النَّصرُ لَكَ ، وخَذَلتَهُ حَيثُ كانَ النَّصرُ لَهُ ، وَالسَّلامُ ۱ .

۲۳۹۴.عنه عليه السلامـ مِن كِتابٍ لَهُ إلى مُعاوِيَةَ ـ: بِسمِ اللّهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ . أمّا بَعدُ ؛ فَإِنَّ بَيعَتي بِالمَدينَةِ لَزِمَتكَ وأنتَ بِالشّامِ ؛ لِأَنَّهُ بايَعَنِي القَومُ الَّذينَ بايَعوا أبا بَكرٍ وعُمَرَ وعُثمانَ عَلى ما بويِعوا عَلَيهِ ، فَلَم يَكُن لِلشّاهِدِ أن يَختارَ ، ولا لِلغائِبِ أن يَرُدَّ ، وإنَّمَا الشّورى لِلمُهاجِرينَ وَالأَنصارِ ، فَإِذَا اجتَمَعوا عَلى رَجُلٍ فَسَمَّوهُ إماما ، كانَ ذلِكَ للّهِِ رِضىً ، فَإِن خَرَجَ مِن أمرِهِم خارِجٌ بِطَعنٍ أو رَغبَةٍ رَدّوهُ إلى ما خَرَجَ مِنهُ ، فَإِن أبى قاتَلوهُ عَلَى اتِّباعِهِ غَيرَ سَبيلِ المُؤمِنينَ ، ووَلّاهُ اللّهُ ما تَوَلّى ويُصليهِ جَهَنَّمَ وساءَت مَصيرا .
وإنَّ طَلحَةَ وَالزُّبَيرَ بايَعاني ، ثُمَّ نَقَضا بَيعَتي ، وكانَ نَقضُهُما كَرَدِّهِما ، فَجاهَدتُهُما عَلى ذلِكَ ، حَتّى جاءَ الحَقُّ ، وظَهَرَ أمرُ اللّهِ وهُم كارِهونَ .
فَادخُل فيما دَخَلَ فيهِ المُسلِمونَ ؛ فَإِنَّ أحَبَّ الاُمورِ إلَيَّ فيكَ العافِيَةُ ، إلّا أن تَتَعَرَّضَ لِلبَلاءِ ؛ فَإِن تَعَرَّضتَ لَهُ قاتَلتُكَ ، وَاستَعَنتُ اللّهَ عَلَيكَ .
وقَد أكثَرتَ في قَتَلَةِ عُثمانَ ، فَادخُل فيما دَخَلَ فيهِ المُسلِمونَ ، ثُمَّ حاكِمِ القَومَ إلَيَّ أحمِلكَ وإيّاهُم عَلى كِتابِ اللّهِ .
فَأَمّا تِلكَ الَّتي تُريدُها فَخُدعَةُ الصَّبِيِّ عَنِ اللَّبَنِ ، ولَعَمري لَئِن نَظَرتَ بِعَقلِكَ دونَ هواكَ لَتَجِدَنّي أبرَأَ قُرَيشٍ مِن دَمِ عُثمانَ .

1.شرح نهج البلاغة : ج۱۶ ص۱۵۳ ؛ نهج البلاغة : الكتاب ۳۷ ، الاحتجاج : ج۱ ص۴۲۸ ح۹۲ وفيهما من «فسبحان اللّه . . . » ، بحار الأنوار : ج۳۳ ص۹۷ ح۴۰۳ .


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج3
356

بِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه و آله ، فَصُرِعوا مَصارِعَهُم حَيثُ عَلِمتَ ، لَم يَدفَعوا عَظيماً ، ولَم يَمنَعوا حَريماً ، بِوَقعِ سُيوفٍ ما خَلا مِنهَا الوَغى ، ولَم تُماشِهَا الهُوَيْنى ۱ .
وقَد أكثَرتَ في قَتَلَةِ عُثمانَ ، فَادخُل فيما دَخَلَ فيهِ النّاسُ ، ثُمَّ حاكِمِ القَومَ إلَيَّ أحمِلكَ وإيّاهُم عَلى كِتابِ اللّهِ تَعالى . وأمّا تِلكَ الَّتي تُريدُ ۲ فَإِنَّها خُدعَةُ الصَّبِيِّ عَنِ اللَّبَنِ في أوَّلِ الفِصالِ ، وَالسَّلامُ لِأَهلِهِ ۳ .

۲۳۹۳.عنه عليه السلامـ مِن كِتابٍ لَهُ إلى مُعاوِيَةَ ـ: أمّا بَعدُ ؛ فَإِنَّ الدُّنيا حُلوَةٌ خَضِرَةٌ ، ذاتُ زينَةٍ وبَهجَةٍ ، لَم يَصبُ الَيها أحَدٌ إلّا وشَغَلَتهُ بِزينَتِها عَمّا هُوَ أنفَعُ لَهُ مِنها ، وبِالآخِرَةِ اُمِرنا ، وعَلَيها حُثِثنا ؛ فَدَع يا مُعاوِيَةُ ما يَفنى ، وَاعمَل لِما يَبقى ، وَاحذَرِ المَوتَ الَّذي إلَيهِ مَصيرُكَ ، وَالحِسابَ الَّذي إلَيهِ عاقِبَتُكَ ، وَاعلَم أنَّ اللّهَ تَعالى إذا أرادَ بِعَبدٍ خَيراً حالَ بَينَهُ وبَينَ ما يَكرَهُ ، ووَفَّقَهُ لِطاعَتِهِ ، وإذا أرادَ اللّهُ بِعَبدٍ سوءاً أغراهُ بِالدُّنيا ، وأنساهُ الآخِرَةَ وبَسَطَ لَهُ أمَلَهُ ، وعاقَهُ عَمّا فيهِ صَلاحُهُ .
وقَد وَصَلَني كِتابُكَ ، فَوَجَدتُكَ تَرمي غَيرَ غَرَضِكَ ، وتَنشُدُ غَيرَ ضالَّتِكَ وتَخبِطُ في عَمايَةٍ ، وتَتيهُ في ضَلالَةٍ ، وتَعتَصِمُ بِغَيرِ حُجَّةٍ ، وتَلوذُ بِأَضعَفِ شُبهَةٍ .
فَأَمّا سُؤالُكَ المُتارَكَةَ وَالإِقرارَ لَكَ عَلَى الشّامِ ؛ فَلَو كُنتُ فاعِلاً ذلِكَ اليَومَ لَفَعَلتُهُ أمسِ .
وأمّا قَولُكَ إنَّ عُمَرَ وَلّاكَهُ فَقَد عَزَلَ مَن كانَ وَلّاهُ صاحِبُهُ ، وعَزَلَ عُثمانُ مَن كانَ عُمَرُ وَلّاهُ ، ولَم يُنَصَّب لِلنّاسِ إمامٌ إلّا لِيَرى مِن صَلاحِ الاُمَّةِ ما ۴ قَد كانَ ظَهَرَ لِمَن

1.أي لم تصحبها ، يصفها بالسرعة والمضيّ في الرؤوس والأعناق (شرح نهج البلاغة : ج۱۸ ص۲۰) .

2.قيل : إنّه يريد التعلّق بهذه الشبهة ؛ وهي قَتَلة عثمان . وقيل : أراد به ما كان معاوية يكرّر طلبه من أمير المؤمنين عليه السلام ، وهو أن يقرّه على الشام وحده ، ولا يكلّفه البيعة (شرح نهج البلاغة : ج۱۸ ص۲۱) .

3.نهج البلاغة : الكتاب ۶۴ ، الاحتجاج : ج۱ ص۴۲۶ ح۹۱ ، بحار الأنوار : ج۳۳ ص۹۱ ح۴۰۲ .

4.في المصدر : «إماماً» بدل «ما» ، والتصويب من بحار الأنوار ، وفيه أيضاً : «خفي عنهم غيّه» بدل «اُخفي عنهم عيبه» وهو الأنسب .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج3
    المساعدون :
    الطباطبائي، السيد محمد كاظم؛ الطباطبائي نجاد، السيد محمود
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الثانية
عدد المشاهدين : 150807
الصفحه من 670
طباعه  ارسل الي