217
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج3

وَالمَشرَبِ ، وأعوذُ بِكَ مِن شَرِّ ما أعلَمُ ومِن شَرِّ ما لا أعلَمُ ، وأعوذُ بِكَ مِنَ الفَواحِشِ كُلِّها ؛ ما ظَهَرَ مِنها وما بَطَنَ ، وأعوذُ بِكَ رَبّي أن أشتَرِيَ الجَهلَ بِالعِلمِ كَمَا اشتَرى غَيري ، أوِ السَّفَهَ بِالحِلم ، أوِ الجَزَعَ بِالصَّبرِ ، أوِ الضَّلالَةَ بِالهُدى ، أوِ الكُفرَ بِالإيمانِ . يا رَبِّ مُنَّ عَلَيَّ بِذلِكَ ؛ فَإِنَّكَ تَتَوَلَّى الصّالِحينَ ، ولا تُضيعُ أجرَ المُحسِنينَ ، وَالحَمدُ للّهِِ رَبِّ العالَمينَ ۱ .

9 / 3

تَحريضُ الإِمامِ أصحابَهُ عَلَى القِتالِ

۲۲۲۱.الجمل :إنَّ أميرَ المُؤمِنينَ عليه السلام أنظَرَهُم [أصحابَ الجَمَلِ] ثَلاثَةَ أيّامٍ ؛ لِيَكُفّوا ويَرعَووا ، فَلَمّا عَلِمَ إصرارَهُم عَلَى الخِلافِ قامَ في أصحابِهِ فَقالَ :
عِبادَ اللّهِ ! اِنهَدوا إلى هَؤلاءِ القَومِ مُنشَرِحَةً صُدورُكُم ، فَإِنَّهُم نَكَثوا بَيعَتي ، وقَتَلوا شيعَتي ، ونَكَّلوا بِعامِلي ، وأخرَجوهُ مِنَ البَصرَةِ بَعدَ أن آلَموهُ بِالضَّربِ المُبَرِّحِ ، وَالعُقوبَةِ الشَّديدَةِ ، وهُوَ شَيخٌ مِن وُجوهِ الأَنصارِ وَالفُضَلاءِ ، ولَم يَرعَوا لَهُ حُرمَةً ، وقَتَلُوا السَّبابِجَةَ رِجالاً صالِحينَ ، وقَتَلوا حُكَيمَ بنَ جَبَلَةَ ظُلما وعُدوانا ؛ لِغَضَبِهِ للّهِِ ، ثُمَّ تَتَبَّعوا شيعَتي بَعدَ أن هَرَبوا مِنهُم وأخَذوهُم في كُلِّ غائِطَةٍ ۲ ، وتَحتَ كُلِّ رابِيَةٍ ، يَضرِبونَ أعناقَهُم صَبرا ، ما لَهُم؟ «قَـتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ»۳ ! !
فَانهَدوا إلَيهِم عِبادَ اللّهِ ، وكونوا اُسودا عَلَيهِم ؛ فَإِنَّهُم شِرارٌ ، ومُساعِدوهُم عَلَى الباطِلِ شِرارٌ ، فَالقَوهُم صابِرينَ مُحتَسِبينَ مَوَطِّنينَ أنفُسَكُم ، إنَّكُم مُنازِلونَ ومُقاتِلونَ ، قَد وَطَّنتُم أنفُسَكُم عَلَى الضَّربِ وَالطَّعنِ ومُنازَلَةِ الأَقرانِ . فَأَيُّ امرِى ء

1.مهج الدعوات : ص۱۲۵ ، بحار الأنوار : ج۹۴ ص۲۳۴ ح۹ .

2.الغائط : المتّسع من الأرض مع طمأنينة (لسان العرب : ج۷ ص۳۶۴) .

3.التوبة : ۳۰ .


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج3
216

مِنّي حينَ اُريدُكَ ، ولا مُنقَبِضا عَنّي حينَ أسأَلُكَ ، ولا مُعرِضاً عَنّي حينَ أدعوكَ ، فَأَنتَ إلهي ، أجِدُ صَنيعَكَ عِندي مَحموداً ، وحُسنَ بَلائِكَ عِندي مَوجودا ، وجميعَ أفعالِكَ عِندي جَميلاً ، يَحمَدُكَ لِساني وعَقلي وجَوارِحي وجَميعَ ما أقَلَّتِ الأَرضُ مِنّي .
يا مَولايَ أسأَلُك بِنورِكَ الَّذِي اشتَقَقتَهُ مِن عَظَمَتِكَ ، وعَظَمَتِكَ الَّتِي اشتَقَقتَها مِن مَشِيَّتِكَ ، وأسأَ لُكَ بِاسمِكَ الَّذي عَلا، أن تَمُّنَ عَلَيَّ بِواجِبِ شُكري نِعمَتَكَ .
رَبِّ، ما أحرَصَني عَلى ما زَهَّدتَني فيهِ، وحَثَثتَني عَلَيهِ ! إن لَم تُعِنّي عَلى دُنيايَ بِزُهدٍ ، وعَلى آخِرَتي بِتَقوايَ ، هَلَكتُ .
رَبّي ، دَعَتني دَواعِي الدُّنيا ؛ مِن حَرثِ النِّساءِ وَالبَنينَ ، فَأَجَبتُها سَريعا ، ورَكَنتُ إلَيها طائِعا . ودَعَتني دَواعِي الآخِرَةِ مِنَ الزُّهدِ وَالِاجتِهادِ فَكَبَوتُ لَها ، ولَم اُسارِع إلَيها مُسارَعَتي إلَى الحُطامِ الهامِدِ ، وَالهَشيمِ البائِدِ ، وَالسَّرابِ الذّاهِبِ عَن قَليلٍ .
رَبِّ، خَوَّفتَني وشَوَّقتَني وَاحتَجَبتَ ۱ عَلَيّ فَما خِفتُك حَقَّ خَوفِكَ ، وأخافُ أن أكونَ قَد تَثَبَّطتُ عَنِ السَّعيِ لَكَ ، وتَهاوَنتُ بِشَيءٍ مِنِ احتِجابِكَ . اللّهُمَّ فَاجعَل في هذِهِ الدُّنيا سَعيي لَكَ وفي طاعَتِكَ ، وَاملَأ قَلبي خَوفَكَ ، وحَوِّل تَثبيطي وتَهاوُني وتَفريطي وكُلَّ ما أخافُهُ مِن نَفسي فَرَقاً ۲ مِنكَ ، وصَبراً على طاعَتِكَ ، وعَمَلاً بِهِ ، يا ذَا الجَلالِ وَالإِكرامِ .
وَاجعَل جُنَّتي مِنَ الخَطايا حَصينَةً ، وحَسَناتي مُضاعَفَةً ؛ فَإِنَّكَ تُضاعِفُ لِمَن تَشاءُ .
اللّهُمَّ اجعَل دَرَجاتي فِي الجِنانِ رَفيعَةً ، وأعوذُ بِكَ رَبّي مِن رَفيعِ المَطعَم

1.كذا ، وفي بحار الأنوار نقلاً عن المصدر : «احتججتَ» وهو أنسب .

2.الفَرَق : الخوف والفزع (النهاية : ج۳ ص۴۳۸) .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج3
    المساعدون :
    الطباطبائي، السيد محمد كاظم؛ الطباطبائي نجاد، السيد محمود
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الثانية
عدد المشاهدين : 151541
الصفحه من 670
طباعه  ارسل الي