73
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج2

جالِسا إلى رُكنِ المَنبَرِ ، فَجَلَستُ حَولَهُ ۱ تَمِسُّ رُكبَتي رُكبَتَهُ ، فَلَم أنشَب ۲ أن خَرَجَ عُمَرُ بنَ الخَطّابِ ، فَلَمّا رَأَيتُهُ مُقبِلاً قُلتُ لِسَعيدِ بن زيد بن عمرو بن نفيل : لَيَقولَنَّ العَشيَّةَ مَقالَةً لَم يَقُلها مُنذَ استُخلف ! فَأَنكَرَ عَلَيَّ ، وقالَ : ما عَسَيتَ أن يَقولَ ما لَم يَقُل قَبلَهُ ! !
فَجَلَسَ عُمَرُ عَلى المِنبَرِ ، فَلَمّا سَكَتَ المُؤَذِّنونَ قامَ ، فَأَثنى عَلَى اللّهِ بِمِا هوَ أهلُهُ ، ثُمَّ قالَ : أمّا بَعدُ ، فَإِنِّي قائِلٌ لَكُم مَقالَةً قَد قُدِّر لي أن أقولَها ، لا أدري لَعَلَّها بَينَ يَدَي أجَلي ، فَمَن عَقَلَها ووَعاها فَليُحدِّثُ بِها حَيثُ انتَهَت بِهِ راحِلَتُهُ ، ومَن خَشِيَ أن لا يَعقِلَها فَلا اُحِلُّ لِأَحَدٍ أن يَكذِبَ عَلَيَّ :
إنَّ اللّهَ بَعَثَ مُحَمَّدا صلى الله عليه و آله بِالحَقِّ ، وأنزَلَ عَلَيهِ الكِتابَ ، فَكانَ مِمّا أنزَلَ اللّهُ آيَةَ الرَّجمِ ۳ ؛ فَإِنَّهُ كُفرٌ بِكُم أن تَرغَبوا عَن آبائِكُم ، أو إنَّ كُفرا بِكُم أن تَرغَبوا عَن آبائِكُم ، ألا ثُمَّ إنَّ رَسولَ اللّهِ صلى الله عليه و آله قالَ : لا تُطروني كَما اُطري عيسى بنُ مَريَمَ ، وقولوا عَبدَ اللّهِ ورسولِهِ .
ثُمَّ إِنَّهُ بَلَغَني أنَّ قائِلاً مِنكُم يَقولُ : وَاللّهِ لَو قَد ماتَ عُمَر بايَعتُ فُلانا ، فَلا يَغتَرّنَّ امرؤٌ أن يَقولَ : إِنَّما كانَت بَيعَةُ أبي بَكرٍ فَلتة وتمّت ! ألا وإنَّها قَد كانَت كَذلِكَ ، ولكِن

1.كذا ، وفي مسند ابن حنبل : «حَذاءه» .

2.لم ينشَبْ أن فعل كذا : أي لم يلبث وحقيقته : لم يتعلّق بشيء غيره ، ولا اشتغل بسواه (النهاية : ج۵ ص۵۲) .

3.، فَقَرَأناها وعَقَلناها ووَعَيناها ؛ رَجَمَ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله ، ورَجَمنا بَعدَهُ ، فَأخشَى إن طالَ بِالنّاسِ زَمانٌ أن يَقولَ قَائِلٌ : «وَاللّهِ ما نَجِدُ آيَةَ الرَّجمِ في كِتابِ اللّهِ» ، فَيَضِلّوا بِتَركِ فَريضَةٍ أنزَلَها اللّهُ . والرَّجمُ في كِتابِ اللّهِ حَقٌّ عَلى مَن زَنى إذا اُحصِنَ ؛ مِنَ الرِّجالِ والنِّساءِ إذا قامَت البَيِّنَةُ ، أو كانَ الحَبلُ ، أو الِاعتِرافُ . ثُمَّ إِنّا كُنّا نَقرَأُ فيما نَقرَأُ مِن كِتابِ اللّهِ «أن لا تَرغَبوا عَن آبائِكُم» . من الواضح عدم وجود نصّ قرآني بهذا التعبير .


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج2
72

1 / 18

بَيعَةُ أبي بَكرٍ مِن وِجهَةِ نَظَرِ عُمَر

۱۰۱۸.تاريخ اليعقوبي عن عمر بن الخطّاب :كانَت بَيعَةُ أبي بَكرٍ فَلتَةً ، وَقَى اللّهُ شَرَّها ، فَمَن عادَ لِمِثلِها فَاقتُلوهُ ۱ .

۱۰۱۹.صحيح البخاري عن ابن عبّاس:كُنتُ اُقرِئُ رِجالاً مِنَ المُهاجِرينَ ، مِنهُم عَبدُ الرَّحمنِ بنَ عَوفٍ ، فَبَينَما أنَا في مَنزِلِهِ بِمِنى وهوَ عِندَ عُمَرَ بنِ الخَطّابِ في آخرِ حَجَّةٍ حَجَّها إذ رَجَعَ إِلَيَّ عَبدُ الرَّحمنِ فَقالَ : لَو رَأيتَ رَجُلاً أتى أميرَ المُؤمنينَ اليَومَ فَقالَ : يا أميرَ المُؤمنينَ هَل لَكَ في فُلانٍ يَقولُ : لَو قَد ماتَ عُمَرُ لَقَد بايَعتُ فُلانا فَوَاللّهِ ما كانَت بَيعَةُ أبي بَكرٍ إلّا فَلتَةً فَتَمَّت ! فَغَضِب عُمَرُ ، ثُمَّ قالَ : إنّي إن شاءَ اللّه لَقائِمٌ العشيّةَ في النّاسِ ؛ فَمُحَذِّرَهُم هؤلاءِ الَّذي يُريدونَ أن يَغصبوهُم اُمورَهُم .
قالَ عَبدُ الرَّحمنِ : فَقُلتُ : يا أميرَ المُؤمِنينَ ، لا تَفعَل ؛ فإِنَّ المَوسِمَ يَجمَعُ رُعاعَ النّاسِ وغَوغاءِهِم ، فَإِنَّهُم هُم الَّذينَ يَغلبونَ عَلى قُربِكَ حينَ تَقومُ في النّاسِ ، وأنَا أخشَى أن تَقومَ فَتَقولَ مَقالَةً يُطَيِّرُها ، عَنكَ كُلُّ مُطَيِّرٍ ، وأن لا يَعوها ، وأن لا يَضَعوها عَلى مَواضِعِها ، فامهل حَتّى تَقدِمَ المَدينَةَ ؛ فإِنَّها دارُ الهِجرَةِ والسنَّةِ ، فَتَخَلص بِأَهلِ الفِقهِ وأشرافِ النّاسِ ، فَتَقولُ ما قُلتَ مُتَمَكِّنا ؛ فَيَعي أهلُ العِلمِ مَقالَتَكَ ، ويَضَعونَها عَلى مَواضِعِها .
فَقالَ عُمَرُ : أما وَاللّهِ ـ إن شاءَ اللّهُ ـ لَأَقومَنَّ بِذلِكَ أوَّلَ مَقامٍ أقومُهُ بِالمَدينَةِ .
قالَ ابنُ عَبّاسٍ : فَقَدِمنا المَدينَةَ في عَقبِ ذي الحَجّةِ ، فَلَمّا كانَ يَومُ الجُمعَةِ عَجَّلتُ الرَّواحَ حينَ زاغَتِ الشَّمسُ ، حَتّى أجِدَ سَعيدَ بنَ زَيد بن عمرو بن نفيل

1.تاريخ اليعقوبي : ج۲ ص۱۵۸ ، المسترشد : ص۲۱۳ وفيه «ثمّ أمر بقتل من عاد لمثل فعله» بدل «فمن عاد لمثلها فاقتلوه» ؛ الملل والنحل : ج۱ ص۳۲ وراجع شرح نهج البلاغة : ج۲ ص۳۰ .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج2
    المساعدون :
    الطباطبائي، السيد محمد كاظم؛ الطباطبائي نجاد، السيد محمود
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الثانية
عدد المشاهدين : 170077
الصفحه من 600
طباعه  ارسل الي