35
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج1

يلجأ أحياناً إلى استعمال اُناس ثابتين في العقيدة بيدَ أنّهم غير منضبطين في العمل . لكن الإمام لم يكن يغفل لحظة عن تنبيه هؤلاء وتحذيرهم المرّة تلو الاُخرى ، كما لم يُطق مطلقاً انحرافاتهم وما يصدر عنهم واضطراب سلوكهم مع الناس .
إنّ عليّاً الذي أمضى عمراً مديداً يضرب بسيفه دفاعاً عن الحقّ ؛ وعليّاً الذي اختار الصمت سنوات طويلة من أجل الحقّ «وفي العين قذى ، وفي الحلق شجا »؛ عليٌّ هذا لا يُطيق المداهنة ـ وحاشاه ـ في تنفيذ الحقّ ، ولا يعرف المجاملة في إحقاقه ، ولا يتحمّل المساومة أبداً .
تتضاعف أهميّة هذا القسم من الموسوعة ، وهو حريّ بالقراءة أكثر ، ونحن نبصر ـ فيه ـ مواقف الإمام من الأصحاب والعمّال مملوءة دروساً وعبراً .
ومع القسم السادس عشر يشرف الكتاب على نهايته ، ليكون القارئ قد خرج من الموسوعة بسيل متدفّق من المعرفة ، وبفيض من التحاليل والرؤى والأفكار والأخبار ، تستحوذ عليها جميعاً شخصيّة الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام .

خصائص الموسوعة :

انتهى للتوّ استعراض وجيز قدّمناه لأقسام «الموسوعة» الستّة عشر دون خوض لما احتوته فصولها من تفاصيل ، وما ضمّته من مداخل صغيرة كانت أم كبيرة ، وقد آن الأوان للحديث عمّا تحظى به من خصائص .
بيد أنّا نعتقد أنّ السبيل إلى معرفة خصائص الموسوعة ـ وربّما ما تحمله من مزايا ونقاط بارزة ـ يُملي علينا أن نُلقي نظرة إلى ما كُتب عن الإمام أمير المؤمنين عليه السلام حتى الآن ، كي تتّضح من جهةٍ ضرورات التعاطي مع هذه المجموعة ، وتستبين من جهة اُخرى نقاط قوّتها وما قد تكون حقّقته من مكاسب ومعطيات على هذا الصعيد .


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج1
34

أما والأمر كذلك ؛ فقد كان حريّاً بهذا القسم أن يلبث عند تلك الجهود المحمومة كاللهب ، وعند تلك الصدور الموبوءة بالحقد ، وقد نفثت أحقادها علّها تُطفئ الشعلة المتوقّدة ، أو عساها تنال من وهجها شيئاً ، حتى تستيقن النفوس بوعد اللّه الذي وعَده ، وكي لا يستريب أحد بقوله سبحانه : «يُرِيدُونَ لِيُطْفِـئواْ نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَ هِهِمْ وَ اللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْكَـفِرُونَ»۱ . وهكذا كان .

القسم السادس عشر : أصحاب الإمام عليّ وعمّاله

مع هذا القسم يُختَتم الكتاب ويبلُغ نهايته . بعد أن لبث القارئ مع خمسة عشر قسماً من الموسوعة ، وصار على معرفة واسعة ممتدّة بمختلف أبعاد حياة الإمام أمير المؤمنين عليه السلام المملوءة بالتعاليم الواعية البنّاءة التي تُنير الحياة وتفتح المغاليق ؛ بعد هذا كلّه آن له أن يرحل في هذا القسم مع جولة تطوف به على عدّة من أصحاب عليّ عليه السلام وعمّاله ، يتعرّف عليهم وينظر إليهم عن كثب .
في هذا القسم يخرج القارئ بحصيلة معرفيّة معطاءة عن اُولئك الرادة الذين تربّوا في كنف عليّ ، وتخرّجوا من مدرسته ، وفي الوقت ذاته تتكشّف له معالم الحكم العلوي وما كان يعانيه من قلّة الطاقات الرياديّة الملتزمة الرشيدة ، وما يكابده الحكم من نقص في القوى الفاعلة المطيعة المسؤولة . وهذا الواقع يُسهم إلى حدّ في الإفصاح عن السرّ الكامن وراء بعض النواقص التي بدت في الحكم العلوي ، ويُعين القارئ على إدراك ذلك ، كما تمنحه معطيات هذا القسم موقعاً أفضل للتوفّر على تحليل واقعي لحكومة الإمام .
من الجليّ أنّ أصحاب الإمام لم يكونوا على مستوى واحد ، كما لم يكن عمّاله كذلك . لقد كانت ضرورات الحكم ومتطلّبات الإدارة العامّة تُملي على الإمام أن

1.الصفّ : ۸ .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج1
    المساعدون :
    الطباطبائي، السيد محمد كاظم؛ الطباطبائي نجاد، السيد محمود
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الثانية
عدد المشاهدين : 160252
الصفحه من 664
طباعه  ارسل الي