299
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج1

الفرضيّة الثالثة : تحديد المستقبل والنصّ على الخلافة

هي أن نؤمن بأن رسول اللّه اتّخذ موقفاً إيجابيّاً من مستقبل الرسالة ، وعاش قضيّة هذا المستقبل بمسؤوليّة كبيرة ، بحيث اختار من يخلفه في القيمومة على الرسالة وخلافة الاُمّة . وما واقعة الغدير وما جرى فيها ، ونصوص تلك الخطبة العصماء التي ألقاها بها النبيّ على جموع المسلمين ، إلّا تصريحاً وتأكيداً لما كان رسول اللّه صلى الله عليه و آله قد أعلنه قبل ذلك مرّات من ولاية عليّ بن أبي طالب عليه السلام وإمامة هذا المجاهد العظيم ۱ .
لقد اختاره النبيّ منذ أيّام حياته الاُولى ، فنشأ في كنف رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، وتربّى في حجره وتحت رعايته دون أن يدنّس الشركُ لحظةً من حياته الطاهرة . على أ نّه ليس أدلّ على هذه النشأة النظيفة من كلام عليّ عليه السلام نفسه ، وهو يقول :
«وقَد عَلِمتُم مَوضِعي مِن رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله بِالقَرابَةِ القَريبَةِ ، وَالمَنزِلَةِ الخَصِيصَةِ . وَضَعَني في حِجرِهِ وأنَا وَلَدٌ ، يَضُمُّني إلى صَدرِهِ ، ويَكنُفُني في فِراشِهِ ، ويُمِسُّني جَسَدَهُ ، ويُشِمُّني عَرفَهُ . وكانَ يَمضَغُ الشَّيءَ ثُمَّ يُلقِمُنيهِ ، وما وَجَدَ لي كَذبَةً في قَولٍ ، ولا خَطلَةً في فَعلٍ ، ولَقَد قَرَنَ اللّهُ بِهِ صلى الله عليه و آله مِن لَدُن أن كَان فَطيماً أعظَمَ مَلَكٍ مِن

1.اقتبسنا أنوار هذا التحليل العقلي من الكتاب القيّم «نشأة التشيّع والشيعة» : ص۲۳ ـ ۵۶ للمفكّر الفقيه آية اللّه العظمى الشهيد السيّد محمّد باقر الصدر ، مع إيضاحات كثيرة منّا وعزو النقولات إلى مصادرها .


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج1
298

ثمّ يرجعون إلى الحقّ بتذكير الآخرين وهكذا .
كما انتهى حال الصحابة إلى أنّ مِن بينهم منافقين كما هو عليه صريح القرآن ، ومنهم من ارتدّ على عقبيه ، ومنهم من يساق إلى النار كما جاء في صريح الصحيحين ، عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله .
أ وَبعد هذا يقال إنّ النبيّ صلى الله عليه و آله قد أسند المرجعيّة الفكريّة والقيادة السياسيّة إلى هذا الجيل ، وجعله القيّم على رسالته ، والمؤتمن على الكتاب ۱ ؟ !
على ضوء هذا كلّه لا ينبغي أن نتردّد لحظة في أنّ اُطروحة إيكال أمر المستقبل إلى الاُمّة أو نُخبها ، وقصّة إسناد المرجعيّة الفكريّة والسياسيّة إلى الصحابة ، لهي اُطروحة نشأت بمرور الزمن ؛ لتصويب الوقائع المُرّة التي عصفت بالحياة الإسلاميّة بعد رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، وليس لها منشأ قط أو أساس يدلّ عليها في نصوص رسول اللّه صلى الله عليه و آله وحياته .
وبهذا تسقط الفرضيّة الثانية .

1.راجع : وركبت السفينة : ص۱۸۹ ـ ۲۳۶ .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج1
    المساعدون :
    الطباطبائي، السيد محمد كاظم؛ الطباطبائي نجاد، السيد محمود
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الثانية
عدد المشاهدين : 162327
الصفحه من 664
طباعه  ارسل الي