الإخاء (تفصیلی) - الصفحه 4

1 . تشريع قانون الإخاء في الإسلام

يأتي تشريع قانون الإخاء في طليعة أبرز الخطوات الثقافية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية والعسكرية التي خطاها رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، حيث تحكي هذه المبادرة بوضوح ارتباطه بمبدأ الوحي ، وتنمّ عن منتهى درايته وما يحظى به من حكمة وحنكة إدارية في قيادة الاُمّة الإسلامية وهدايتها .
لقد شرّع القرآن الكريم بقوله : «إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ»۱ قانونا أسّس على ضوئه العلاقة بين آحاد المسلمين ، وأوجد بينهم آصرة لم تكن موجودة من قبل ، هذه الصلة أو العلاقة تسمّى «الإخاء الديني» ، وما يبعث على التأمّل أنّ هذا الضرب من الاُخوّة ، هو وحده الذي تترتّب عليه آثار شرعية وحقوقية من وجهة نظر الإسلام .
فلو ترافقت علاقة الإخاء الديني والتقت مع العلاقة النَّسَبيّة ، لَبَدت آثارها الشرعية والحقوقية التي تتركها في الزواج والإرث ، وإذا ما اقترنت بالعلاقة الرضاعية ، ترتّب عليها آثار في الزواج ، أمّا إذا لم تقترن بأيّ من العلاقتَين النَّسَبيّة والرضاعية ، فلها آثارها الشرعيّة والحقوقيّة الخاصّة ، التي نهض ببيانها الفصلان الثالث والرابع من هذا القسم .
أمّا حينما ننتقل إلى العلاقة النسبيّة والرضاعية التي تنشأ بمعزل عن العلاقة الدينيّة ، فلن نجد لها آثارا تترتّب عليها من وجهة نظر الإسلام ، كما هو الحال في اثنين يشتركان مع أحد الأبوين أو كليهما على نحو غير مشروع ، فكما لا يقرّ الإسلام العلاقة الناشئة بين الابن المتولّد من الزنا وبين أبويه الطبيعيين ، فكذلك لا يقرّ ولادة اثنين من أبوين ، أو ارتضاعهما من اُمّ واحدة من دون وجود العلاقة الدينية المعتبرة بينهما ، ولا تُعدّ مثل هذه الولادة أو الحالة منشأً للآثار الشرعية والحقوقية .

1.. الحجرات : ۱۰ .

الصفحه من 98