إلى خلقك بحسن الصنيع ، كأنّ بك الحاجة إليهم ، وأنت يا سيّدي الغنيُّ عنهم.
ثُمَّ خرّ إلى الأرض ساجدا ، فدنوت منه وَشُلت برأسه ۱ ، فوضعته على ركبتي ، وبكيت حتّى جرت دموعي على خدّه ، فاستوى عليه السلام جالسا فقال : مَن الّذي أشغلني عن ذكر ربّي؟ فقلت : أنا طاووس يابن رسول اللّه ، ما هذا الجزع والفزع؟ ونحن يلزمنا أن نفعل مثل هذا ، ونحن عاصون خافون (حافون) ، أبوك الحسين بن عليّ عليهماالسلام ، واُمّك فاطمة الزّهراء عليهاالسلام ، وجدّك رسول اللّه صلى الله عليه و آله ! فالتفت إليَّ وقال :
هيهات هيهات يا طاووس! دع عنّي حديث أبي واُمّي وجدّي ، خلق اللّه الجنة لمن أطاعهُ وأحسن ، وإن كان عبدا حبشيّا ، وخلق اللّه النّار لمن عصاه وإن كان ولدا قرشيّا ، أما سمعت قوله تعالى : « فَإِذَا نُفِخَ فِى الصُّورِ فَلاَ أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَـلـءِذٍ وَ لاَ يَتَسَآءَلُونَ »۲ . واللّه ما ينفعك غدا ، إلاّ تقدمة تُقدّمها من عمل صالح . ۳
(ومن كلام له عليه السلام)
(احتجّ به ، وانتصر أباه عليّا عليه السلام)
۰.لمّا جاء إليه رجل من أهل البصرة فقال : يا عليّ بن الحسين ، إنّ جدّك عليّ بن أبي طالب قتل المؤمنين ! فهملت عينا عليّ بن الحسين عليه السلام دموعا حتّى امتلأت كفّه منها ، ثُمَّ ضرب بها على الحصى ، ثُمَّ قال عليه السلام : يا أخا أهل البصرة ، لا واللّه ما قتل عليّ عليه السلام مؤمنا ، ولا قتل مسلما ، وما أسلم القوم ، ولكن استسلموا وكتموا الكفر ، وأظهروا الإسلام ، فلمّا وجدوا على الكفر أعوانا أظهروه ،