457
ميزان الحکمه المجلّد التّاسع

ومَن طَلَبَ الدُّنيا طَلَبَتهُ الآخِرَةُ فيَأتيهِ المَوتُ فيُفسِدُ علَيهِ دُنياهُ وآخِرَتَهُ .۱

۲۲۱۲۷.عنه عليه السلام : يا هِشامُ ، مَن أرادَ الغِنى‏ بلا مالٍ ، وراحَةَ القَلبِ مِن الحَسَدِ ، والسَّلامَةَ في الدِّينِ ؛ فلْيَتَضَرَّعْ إلَى اللَّهِ عَزَّوجلَّ في مَسألَتِهِ بأن يُكَمِّلَ عَقلَهُ ، فمَن عَقَلَ قَنَعَ بما يَكفيهِ ، ومَن قَنَعَ بما يَكفيهِ استَغنى‏ ، ومَن لَم يَقنَعْ بما يَكفيهِ لَم يُدرِكِ الغِنى‏ أبداً .۲

۲۲۱۲۸.عنه عليه السلام : يا هِشامُ ، إنّ اللَّهَ حَكى‏ عَن قَومٍ صالِحينَ أنَّهُم قالوا : (رَبَّنا لا تُزِغْ قُلُوبَنا بَعْدَ إذْ هَدَيْتَنا وَهَبْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إنَّكَ أنْتَ الوَهَّابُ)۳ حينَ عَلِموا أنّ القُلوبَ تَزيغُ وتَعودُ إلى‏ عَماها وَرَداها . إنّه لَم يَخَفِ اللَّهَ مَن لَم يَعقِلْ عَنِ اللَّهِ ، ومَن لَم يَعقِلْ عَنِ اللَّهِ لَم يَعقِدْ قَلبَهُ على‏ مَعرِفَةٍ ثابِتَةٍ يُبصِرُها ويَجِدُ حَقيقَتَها في قَلبِهِ ، ولا يَكونُ أحَدٌ كذلكَ إلّا مَن كانَ قولُهُ لِفِعلِهِ مُصَدِّقاً ، وسِرُّهُ لِعَلانِيَتِهِ مُوافِقاً ؛ لأنّ اللَّهَ تباركَ اسمُهُ لَم يَدُلَّ علَى الباطِنِ الخَفِيِّ مِن العَقلِ إلّا بِظاهِرٍ مِنهُ وناطِقٍ عَنهُ .۴

۲۲۱۲۹.عنه عليه السلام: يا هِشامُ ، كانَ أميرُ المؤمنينَ عليه السلام يَقولُ : ما عُبِدَ اللَّهُ بشَي‏ءٍ أفضَلَ مِن العَقلِ ، وما تَمَّ عَقلُ امرئٍ حتّى‏ يَكونَ فيهِ خِصالٌ شَتّى‏ : الكُفرُ والشَّرُّ مِنهُ مَأمُونانِ ، والرُّشدُ والخَيرُ مِنهُ مَأمُولانِ، وفَضلُ مالِهِ مَبذولٌ ، وفَضلُ قَولِهِ مَكفوفٌ ، ونَصيبُهُ مِن الدُّنيا القُوتُ ، لا يَشبَعُ مِن العِلمِ دَهرَهُ ، الذُّلُّ أحَبُّ إلَيهِ مَع اللَّهِ مِن العِزِّ مَع غَيرِهِ، والتَّواضُعُ أحَبُّ إلَيهِ مِن الشَّرَفِ ، يَستَكثِرُ قَليلَ المَعروفِ مِن غَيرهِ، ويَستَقِلُّ كَثيرَ المَعروفِ مِن نَفسهِ ، ويَرَى النّاسَ كُلَّهُم خَيراً مِنهُ ، وأنَّهُ شَرُّهُم في نَفسِهِ ، وهُو تَمامُ الأمرِ ۵ . ۶

۲۲۱۳۰.عنه عليه السلام : يا هِشامُ ، إنّ العاقِلَ لا يَكذِبُ وإن كانَ فِيهِ هَواهُ .۷

1.الكافي : ۱/۱۸/۱۲ .

2.الكافي : ۱/۱۸/۱۲ .

3.آل عمران : ۸ .

4.الكافي : ۱/۱۸/۱۲ .

5.أي : كلّ أمر من اُمور الدين يتمّ به ، أو كأنّه جميع اُمور الدين مبالغةً (كما في هامش المصدر).

6.الكافي : ۱/۱۸/۱۲ .

7.الكافي : ۱/۱۹/۱۲ .


ميزان الحکمه المجلّد التّاسع
456

ورَغِبَ فيما عِندَ اللَّهِ ، وكانَ اللَّهُ اُنسَهُ في الوَحشَةِ ، وصاحِبَهُ في الوَحدَةِ ، وغِناهُ في العَيلَةِ۱ ، ومُعِزَّهُ مِن غَيرِ عَشيرَةٍ .۲

۲۲۱۲۱.عنه عليه السلام : يا هِشامُ ، نُصِبَ الحَقُّ لِطاعَةِ اللَّهِ‏۳ ولا نَجاةَ إلّا بِالطّاعَةِ ، والطّاعَةُ بِالعِلمِ ، والعِلمُ بِالتَّعَلُّمِ ، والتَّعَلُّمُ بِالعَقلِ يُعتَقَدُ۴ ، ولا عِلمَ إلّا مِن عالِمٍ ربّانيٍّ ، ومَعرِفَةُ العِلمِ بِالعَقلِ .۵

۲۲۱۲۲.عنه عليه السلام : يا هِشامُ ، قَليلُ العَمَلِ مِن العالِمِ مَقبولٌ مُضاعَفٌ ، وكَثيرُ العَمَلِ مِن أهلِ الهَوى‏ والجَهلِ مَردودٌ .۶

۲۲۱۲۳.عنه عليه السلام : يا هِشامُ ، إنّ العاقِلَ رَضِيَ بِالدُّونِ مِن الدُّنيا مَعَ الحِكمَةِ ، ولَم يَرضَ بِالدُّونِ مِن الحِكمَةِ مَعَ الدُّنيا ، فلِذلكَ رَبِحَت تِجارَتُهُم .۷

۲۲۱۲۴.عنه عليه السلام : يا هِشامُ ، إنَّ العُقَلاءَ تَرَكوا فُضولَ الدُّنيا فكَيفَ الذُّنوبُ ، وتَركُ الدُّنيا مِن الفَضلِ، وتَركُ الذُّنوبِ مِن الفَرضِ.۸

۲۲۱۲۵.عنه عليه السلام : يا هِشامُ ، إنّ العاقِلَ نَظَرَ إلَى الدُّنيا وإلى‏ أهلِها فعَلِمَ أنّها لا تُنالُ إلّا بِالمَشَقَّةِ ، ونَظَرَ إلَى الآخِرَةِ فعَلِمَ أنّها لا تُنالُ إلّا بِالمَشَقَّةِ ، فطَلَبَ بِالمَشَقَّةِ أبقاهُما .۹

۲۲۱۲۶.عنه عليه السلام : يا هِشامُ ، إنّ العُقَلاءَ زَهِدوا في الدُّنيا ورَغِبوا في الآخِرَةِ ؛ لأنَّهُم عَلِموا أنّ الدُّنيا طالِبَةٌ مَطلوبَةٌ۱۰والآخِرَةَ طالِبَةٌ ومَطلوبَةٌ ، فمَن طَلَبَ الآخِرَةَ طَلَبَتهُ الدُّنيا حتّى‏ يَستَوفِيَ مِنها رِزقَهُ ،

1.أي : مغنيه ؛ أو كما أنّ أهل الدنيا غناهم بالمال هو غناه باللَّه وقربه ومناجاته (كما في هامش المصدر). والعيلة : الفقر . والعشيرة : القبيلة (المصباح المنير : ۴۴۰ و ص ۴۱۱) .

2.الكافي : ۱/۱۷/۱۲ .

3.نصب» إمّا مصدر أو فعل مجهول ، وقراءته علَى المعلوم بحذف الفاعل أو المفعول كماتوهّم بعيد ، إنّما نصب اللَّه الحقّ والدين بإرسال الرسل وإنزال الكتب ليطاع في أوامره ونواهيه (كما في هامش المصدر) .

4.أي يشدّ ويستحكم ، وفي بعض النسخ «يعتقل» (كما في هامش المصدر).

5.الكافي : ۱/۱۷/۱۲ .

6.الكافي : ۱/۱۷/۱۲ .

7.الكافي : ۱/۱۷ - ۱۸/۱۲ .

8.الكافي : ۱/۱۷ - ۱۸/۱۲ .

9.الكافي : ۱/۱۷ - ۱۸/۱۲ .

10.طالبيّة الدّنيا عبارة عن إيصالها الرزق المقدّر إلى‏ من هو فيها ليكونوا فيها إلَى الأجل المقرّر ، ومطلوبيّتها عبارة عن سعي أبنائها لها ليكونوا على‏ أحسن أحوالها ، وطالبيّة الآخرة عبارة عن بلوغ الأجل وحلول الموت لمن هو في الدنيا ليكونوا فيها، ومطلوبيّتها عبارة عن سعي أبنائها لها ليكونوا على‏ أحسن أحوالها ؛ ولا يخفى أنّ الدنيا طالبة بالمعنى‏ المذكور لأنّ الرزق فيها مقدّر مضمون يصل إلى الإنسان لا محالة ، طلبه أولا (وما من دابّة في الأرض إلّا علَى اللَّه رزقها) وأنّ الآخرة طالبة أيضاً لأنّ الأجل مقدّر كالرزق مكتوب (قل لن ينفعكم الفرار إن فررتم من الموت أو القتل وإذاً لا تُمتّعون إلّا قليلاً) (كما في هامش المصدر).

  • نام منبع :
    ميزان الحکمه المجلّد التّاسع
عدد المشاهدين : 148821
الصفحه من 643
طباعه  ارسل الي