ادریس - الصفحه 5

فخرج وخرجوا وساروا إلى‏ أن وافوا هذا الإقليم الذي سمّي بابليون . فرأوا النيل ورأوا واديا خالياً من ساكن ، فوقف إدريس علَى النيل وسبّح اللَّه وقال لجماعته : بابليون ، واختلف في تفسيره فقيل : نهر كبير ، وقيل : نهر كنهركم ، وقيل : نهرمبارك ، وقيل : إنّ «يون» في السُّريانيّة مثل أفعل التي للمبالغة في كلام العرب ، وكأنّ معناه نهر أكبر ، فسمّي الإقليم عند جميع الاُمم بابليون ، وسائر فرق الاُمم على‏ ذلك إلّا العرب؛ فإنّهم يسمّونه إقليم مصر نسبةً إلى‏ مصر بن حام النازل به بعد الطوفان ، واللَّه أعلم بكلّ ذلك .
وأقام إدريس ومن معه بمصر يدعو الخلائق إلَى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وطاعة اللَّه عَزَّوجلَّ ، وتكلّم الناس في أيّامه باثنين وسبعين لساناً ، وعلّمه اللَّه عَزَّوجلَّ منطقهم ليعلّم كلّ فرقة منهم بلسانها ، ورسم لهم تمدين المدن ، وجمع له طالبي العلم بكلّ مدينة فعرّفهم السياسة المدنيّة وقرّر لهم قواعدها ، فبنت كلّ فرقة من الاُمم مدناً في أرضها ، وكانت عدّة المدن التي اُنشئت في زمانه مائة مدينة وثماني وثمانين مدينة أصغرها الرها ، وعلّمهم العلوم.
وهوأوّل من استخرج الحكمة وعِلم النجوم ؛ فإنّ اللَّه عَزَّوجلَّ أفهمه سرّ الفلك وتركيبه ونقط اجتماع الكواكب فيه وأفهمه عدد السنين والحساب، ولولا ذلك لم تصل الخواطر باستقرائها إلى‏ ذلك .
وأقام للاُمم سُنناً في كلّ إقليم تليق كلّ سنّة بأهلها ، وقسّم الأرض أربعة أرباع ، وجعل على‏ كلّ ربع ملكاً يسوس أمر المعمور من ذلك الربع ، وتقدّم إلى‏ كلّ ملك بأن يلزم أهل كلّ ربع بشريعة سأذكر بعضها . وأسماء الأربعة الملوك الذين ملكوا : الأوّل إيلاوس وتفسيره الرحيم ، والثاني اوس ، والثالث سقلبيوس ، والرابع

الصفحه من 6