شرح حديث «نية المؤمن خير من عمله» - الصفحه 340

نعم ، ما قرّره الشهيد في الوجه الخامس ، واعترض عليه ولم يرتضه ، وذيّل البهائي وجهه الخامس أيضا به من كون النية لا يدخلها الريا ويدخل العمل ، يمكن تقريره على وجه يندفع به إشكال الترديد ، كما سنقرّره في ما بعد إن شاء اللّه تعالى .
ثم ليُعلم أن الوجه التاسع الذي أفاد دفع المعارضة بحديث الأحمزية ، منشأه كلام أميرالمؤمنين وسيد العارفين صلوات اللّه عليه وعلى أولاده الطاهرين ، أعني : قوله عليه السلام : تصفية العمل أشد من العمل ، وتخليص النية من الفساد أشد على العاملين من طول الجهاد ۱ ، وغير ذلك من الأحاديث التي نقلناها في الجواهر .
وهل مأخذ كلام الغزالي ومنشأه إلاّ هذا الكلام الذي ليس فوقه إلاّ كلام الملك العلام ؟
فكان على شيخنا البهائي أن يدفع تلك المعارضة بكلام الإمام عليه السلام ، ثم بعد ذلك يبسط الكلام بما ذكره الغزالي إن شاء في ذلك المقام .

[معنى الحديث في رأي المصنف]

وحيث علمت أن كل واحد ممّا ذُكر من الأجوبة لا يدفع مجموع السؤال ، بل مجموعُها أيضا لا يَدفع مجموعَه ، فلنذكر الآن ما وعدناك به من ذكر ما يدفع جميع السؤالات من دون تكلف مستهجن ولا تعسف مستبشع ، ولم يسبقني إليه سابق ولم يلحقني فيه لاحق ، بعد تقديم بعض المقدمات النافعة ، فأقول وباللّه التوفيق :
إن النية اللغوية التي هي عبارة عن «القصد إلى إيقاع الفعل» لم يرد بها حديث ولا رواية ؛ لأن الفعل لا يقع عن الفاعل المختار بدون قصده . ولذا قال بعض المحققين : لو يكلفنا اللّه تعالى العبادة من دون نية لكان تكليفا بما لا يطاق . فالنية التي وردت في كلام الشارع من أنه لا عمل إلاّ بنية ، وإنما الأعمال بالنيات وغير ذلك مما ذكرناه

1.الكافي ، ج۸ ، ص۲۴ ؛ تحف العقول ، ص۹۹ ، تحقيق علي اكبر الغفاري ، نشر : جامعة المدرسين ، الطبعة الثانية .

الصفحه من 346