شرح حديث «نية المؤمن خير من عمله» - الصفحه 322

وزيّفه بعينه ، فإن ما زيّفه هو أن المفضل النية مع العمل ، والمفضل عليه العمل بلا نية ، فهذا غير ما زيّفه ، لكنه أعظم مفسدة مما زيّفه ؛ لأن ما أورده على ذاك يرد على ما خطر له مع زيادة ، وهي أنه يصير الحديث لغوا لا فائدة له؛ لأنه لا شكّ في أن ثواب عملين أكثر من ثواب أحدهما ، وهل هذا إلا كقولنا : «الكل أعظم من الجزء»؟!
لكني يخطر ببالي توجيه حسن لكلام هذا السيّد العظيم الشأن وهو أنه يمكن أن يكون مراده أن النية مع العمل يترتب عليها عشر حسنات ، واحدة للنية وتسعة للعمل ، كما يُفهَم من ظاهر حديث سنذكره ونحقِّق معناه إن شاء اللّه تعالى .
فقد ترتب على العمل وحده مقطوع النظر عن النية تسع حسنات ، ولا شكّ أن العشرة أكثر من التسعة ، لكن عبارته قاصرة عن تأدية هذا المعنى مع تصريحها بلفظ «العاري» حيث قال : خير من عمله العاري من نيته .

[دفع الإشكالات عن السيّد]

ثم لا يذهب عليك أن ما وجّهنا به كلامه قدس سره يدفع البحث عنه بأنه قد نقله عن غيره ، فكيف يدعي بعد ذلك أنه قد خطر له؟
ويدفع عنه أيضا ألا يراد الذي أورده هو على ما حكاه من أن العمل العاري عن النية لا يترتب عليه ثواب أصلاً ، فلا يكون فيه خير ألبتة ، لكن يبقى ما أوردناه عليه من أنه يصير الحديث مثل قول القائل ۱ : الكل أعظم من الجزء ، ولا ثمرة له ولا فائدة ، وسيأتي لهذا زيادة توضيح عند ذكرنا لما خطر لنا في حل هذا الحديث ممّا لم يخطر لأحد قبلنا بتوفيق اللّه تعالى .

[تقسيم للأبحاث الآتية]

1 ـ ولنذكر أولاً السؤال الذي أورده العلماء على هذا الحديث بجميع شقوقه .
2 ـ ثم ننقل ما ذكره شيخنا الشهيد في قواعده .

1.في المخطوطة : القايل .

الصفحه من 346