أهداف ثورة الإمام الحسين عليه السلام - الصفحه 3

3. عدم حيلولة علم الغيب دون أداء الواجبات الظاهريّة

من القضايا التي أدّت إلى الانزلاق والمغالطة في هذا البحث ، هي عدم الالتفات إلى أنّ علم الغيب لا يحول دون أداء الواجبات الظاهريّة . وبعبارة اُخرى: أنّ النبيّ صلى اللَّه عليه وآله والأئمّة عليهم السلام كانوا يتمتّعون بعلم الغيب ، إلّا أنّهم لم يتّخذوه أساساً لأداء الواجبات ، فرسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله لم يفعل ذلك في قضاياه وأحكامه ، بل وحتّى عند توجّهه إلى ساحة الحرب والقتال، بل كان يقول :
إنَّما أقضي بَينَكُم بِالبَيِّناتِ وَالأَيمانِ ، وبَعضُكُم ألحَنُ بِحُجَّتِهِ مِن بَعضٍ ، فَأَيُّما رَجُلٍ قَطَعتُ لَهُ مِن مالِ أخيهِ شَيئاً فَإِنَّما قَطَعتُ لَهُ بِهِ قِطعَةً مِنَ النّارِ . ۱
ولو لم يكن الأمر كذلك فسوف يكون من الصعب تبرير ذهابه إلى مكّة وإحرامه ، وانتهاء ذلك إلى صلح الحديبيّة ، وكذا معركة اُحد ، والكثير من الأحداث الاُخرى .

4 . علم الإمام الحسين عليه السلام بشهادته‏

استناداً إلى الأحاديث الكثيرة التي وصلتنا بشكل متواتر في كتب التاريخ والحديث ، فقد كان الإمام الحسين عليه السلام على علم بشهادته قبل انطلاقه نحو مكّة وكربلاء ۲ .

ثانياً : منهج البحث في تحليل الأهداف واستخراجها

من أجل دراسة وجهات النظر والوصول إلى الرأي المختار ، علينا أن نتناول أيضاً قواعد واُسلوب استخراج الأهداف في الظواهر الاجتماعيّة ، خاصّة عندما تكتسب الطابع التاريخيّ وتنضوي في الدائرة السلوكيّة للرجال العظام والمقدّسين ، بالإضافة إلى الفرضيّات التي تمثّل الاُصول الموضوعة والمسلّم بها لهذا البحث. وهذه الاُصول والقواعد تقودنا إلى أن نأخذ بنظر الاعتبار في البحث جميع الأبعاد والزوايا ، وأن نخرج من النظرة الاُحاديّة البعد . ونشير الآن إلى بعض المواضع من هذه الاُصول والقواعد:
1 . يمكن استخراج أهداف حركة الإمام الحسين عليه السلام عبر طريقين : أحدهما الاُسلوب الكلامي وتوظيف الأهداف العامّة للإمامة، والآخر الرجوع إلى أقوال الإمام الحسين عليه السلام وكتبه. والصحيح أن نستند إلى كلا المصدرين معاً ؛ لأنّ الاهتمام بأحد هذين المصدرين يؤدّي إلى الانزلاق والانحراف في التحليل.
2 . من الاُمور التي أدّت إلى الاختلاف في الرأي بشأن قضيّة الأهداف ، هو عدم الالتفات إلى الاختلاف بين المقصد والمقصود. فالذي يسافر إلى مدينة أو يزاول تجارة أو يزور مكاناً مقدّساً، فإنّ تلك المدينة هي مقصده ، ولكنّ قصده وهدفه هو التجارة أو الزيارة. ورغم أنّ حادثة عاشوراء انتهت بالشهادة ، إلّا أنّ الشهادة مقصد وليست مقصوداً وهدفاً.
وبناءً على ذلك، فإذا قيل : إنّ الإمام الحسين عليه السلام ما ثار للشهادة، بل ثار من أجل إقامة الحكم وإحياء سنّة النبيّ وإصلاح الاُمور، فإنّ هذا الكلام ليس فاقداً للأساس ؛ لأنّ الشهادة مقصد، والمقصود هو إحياء السنّة وإصلاح الاُمور .
3. يجب التمييز بين أهداف حقيقةٍ مّا والنتائج والآثار المترتّبة عليها. وقد استشهد الإمام الحسين عليه السلام من أجل تحقيق بعض الأهداف، وإذا تمتّع البشر من بعده بالكمالات المعنويّة والأجر الاُخروي من خلال إقامة العزاء والبكاء عليه، فإنّ من غير الصحيح أن نعتبر العزاء والبكاء والنتائج المترتّبة على ذلك، من أهداف ثورة الإمام الحسين عليه السلام.
وبناءً على ذلك فإنّ اُولئك الذين اعتبروا الشفاعة للاُمّة ، أو الحصول على الأجر الاُخروي وغفران الذنوب، هما من أهداف ثورة الإمام الحسين عليه السلام، إنّما هم واقعون في مغالطة.

1.الكافي : ج ۷ ص ۴۱۴ ح ۱ .

2.راجع : ص ۲۳۳ (القسم الثالث : الإنباء بشهادة الإمام الحسين بن عليّ عليهما السلام) .

الصفحه من 15