ببليوغرافيا تاريخ عاشوراء وشعائر العزاء - الصفحه 24

ثالثاً: المصادر المعاصرة

تبلغ المصادر المؤلّفة بعد القرنين التاسع والعاشر الهجريّين من الكثرة بحيث لا يمكن استعراضها أجمع . ولكن يمكن القول بشكل عام إنّ قيمة هذه الكتب ، تتبع قيمة المصادر التي استندت إليها .
وبعبارة اُخرى : كلّما كانت الكتب المتأخّرة والمعاصرة مستندة في رواياتها إلى كتب أقدم وأكثر قيمة ، وتحرّت الدقّة في نقلها ، والتزمت بالأمانة ، فإنّها ستكون صالحة للاعتماد بصورة أكبر .
ولذلك فإنّ الكتب الكبيرة ؛ مثل بحار الأنوار ، والكتب التي يكثر الرجوع إليها ، مثل إبصار العين ، ونفس المهموم ، ومنتهى الآمال ، لا يمكن تصنيفها من خلال نظرة كلّية وعامّة ضمن إحدى المجموعتين السابقتين ، وكذلك لا يمكن اعتبار كتاب مثل الكبريت الأحمر معتبراً أو غير معتبر ، رغم كون مؤلّفه عالماً ، وهو محمّد باقر البيرجندي (1276 - 1352 ه . ق) الذي جمع كتابه بعد تتبّع كثير ؛ ذلك لأنّ بعض مصادره معتبر وبعضها ضعيف ، ورغم أنّ المؤلّف عمد أحياناً إلى نقد بعض الروايات ، إلّا أنّ النقل من الكتب الضعيفة دون نقد للمواضيع ليس بقليل هو الآخر .
وعلى هذا الأساس فإنّ كتابَي نفس المهموم وبحار الأنوار يُعدّان أكثر اعتباراً ؛ لأن الكثير من رواياتهما مقبولة ومستندة إلى الكتب القديمة والمعتبرة .
وخلاصة الكلام : إنّ مجرّد وجود رواية تاريخية في الكتب المتأخّرة أو المعاصرة وإن كانت مشهورة ، لا يبيح لنا اعتبارها سنداً تاريخيّاً يمكن الاعتماد عليه ، وأن ننسب ما ورد فيها إلى أهل البيت عليهم السلام ، بل يجب أن يُعْلَم مصدرها أيضاً ويقيّم ، فإذا كان مصدرها ضعيفاً أو لم يكن لها مصدر أساساً ، فسوف تخرج حينئذٍ عن دائرة الاعتماد . وهذه القاعدة تجري أيضاً في النقول الشفهيّة ؛ إذ إنّ الناقل وإن كان شخصاً عظيماً ، إلّا أنّ الفترة الزمنيّة الكبيرة التي تفصلنا عن عصر أهل البيت عليهم السلام ، إضافة إلى ما أثبتته التجربة من وقوع الأخطاء الكثيرة في النقول الشفهيّة ، يجعل الوثوق بمثل هذه النقول مخالفاً للسيرة العُقلائيّة .

الصفحه من 39