النبوّة الخاصّة - الصفحه 9

أو يجانسهما وإنّما حدثا حدوثاً .
والشائع اليوم عند الباحثين عن طبيعة الإنسان أنّ الإنسان الأوّل فرد تكامل إنساناً ، وهذه الفرضيّة بخصوصها وإن لم يتسلّمها الجميع تسلّماً يقطع الكلام ، واعترضوا عليه باُمور كثيرة مذكورة في الكتب ، لكنّ أصل الفرضيّة - وهي أنّ الإنسان حيوان تحوّل إنساناً - ممّا تسلّموه وبنَوا عليه البحث عن طبيعة الإنسان .
فإنّهم فرضوا أنّ الأرض - وهي أحد الكواكب السيّارة - قطعة من الشمس مشتقّة منها ، وقد كانت في حال الاشتعال والذوبان ثمّ أخذت في التبرّد من تسلّط عوامل البرودة ، وكانت تنزل عليها أمطار غزيرة وتجري عليها السيول وتتكوّن فيها بحار الأنوار ، ثمّ حدثت تراكيب مائيّة وأرضيّة فحدثت النباتات المائيّة ، ثمّ حدثت بتكامل النبات واشتمالها على‏ جراثيم الحياة السمك وسائر الحيوان المائيّ ، ثمّ السمك الطائر ذو الحياتين ، ثمّ الحيوان البرّيّ ، ثمّ الإنسان ، كلّ ذلك بتكامل عارض للتركيب الأرضيّ الموجود في المرتبة السابقة يتحوّل به التركيب في صورته إلَى المرتبة اللاحقة ؛ فالنبات ثمّ الحيوان المائيّ ثمّ الحيوان ذو الحياتين ثمّ الحيوان البرّيّ ثمّ الإنسان علَى الترتيب . هذا .
كلّ ذلك لما يشاهد من الكمال المنظّم في بنيتها نظم المراتب الآخذة من النقص إلَى الكمال ، ولما يعطيه التجريب في موارد جزئيّة التطوّر .
وهذه فرضيّة افترضت لتوجيه ما يلحق بهذه الأنواع من الخواصّ والآثار من غير قيام دليل عليها بالخصوص ونفي ما عداها ، مع إمكان فرض هذه الأنواع متبائنة من غير اتّصال بينها بالتطوّر وقصر التطوّر على‏ حالات هذه الأنواع دون ذواتها وهي التي جرى‏ فيها التجارب ؛ فإنّ التجارب لم يتناول فرداً من أفراد هذه الأنواع تحوّل إلى‏ فرد من نوع آخر كقردة إلى‏ إنسان ، وإنّما يتناول بعض

الصفحه من 262