النبوّة الخاصّة - الصفحه 8

إلّا عِبادَكَ مِنهُمُ المُخْلَصينَ)1 حيث أبدل ما ذكره مفرداً أوّلاً من الجمع ثانياً .
ويردّه - مضافاً إلى‏ كونه على‏ خلاف ظاهر ما نقلناه من الآيات - ظاهرُ قوله تعالى‏ - بعد سرد قصّة آدم وسجدة الملائكة وإباء إبليس - في سورة الأعراف : (يا بَني آدمَ لايَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيطانُ كَما أخْرَجَ أبَوَيْكُم مِنَ الجَنّةِ يَنزِعُ عَنهُما لِباسَهُما لِيُريَهُما سَوْآتِهِما)2 فظهور الآية في شخصيّة آدم ممّا لاينبغي أن يُرتاب فيه .
وكذا قوله تعالى‏ : (وإذ قُلنا لِلمَلائكةِ اسْجُدوا لآدَمَ فَسَجَدوا إلّا إبليسَ قالَ أأسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِيناً * قالَ أرأيتَكَ هذا الّذي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أخَّرْتَنِ إلى‏ يَومِ القِيامَةِ لأحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إلّا قَليلاً)3 وكذا الآية المبحوث عنها : (يا أيُّها النّاسُ اتَّقوا ربَّكُمُ الّذي خَلَقَكُم مِن نَفْسٍ واحِدَةٍ وخَلَقَ مِنها زَوْجَها وبَثَّ مِنهُما رِجالاً كثيراً ونِساءً...) الآية بالتقريب الذي مرّ بيانه .
فالآيات - كما ترى‏ - تأبى أن يسمَّى الإنسان آدم باعتبار وابن آدم باعتبار آخر ، وكذا تأبى‏ أن تنسب الخلقة إلَى التراب باعتبار وإلَى النطفة باعتبار آخر ، وخاصّة في مثل قوله تعالى‏ :(إنّ مَثَلَ عيسى‏ عِندَاللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرابٍ ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ فَيَكونُ...) الآية ؛ وإلّا لم يستقم استدلال الآية على‏ كون خلقة عيسى‏ خلقة استثنائيّة ناقضة للعادة الجارية . فالقول بآدم النوعيّ في حدّ التفريط ، والإفراط الذي يقابله قول بعضهم : إنّ القول بخلق أزيد من آدم واحد كفر . ذهب إليه زين العرب من علماء أهل السنّة .4

كلام في أنّ الإنسان نوع مستقلّ غير متحوّل من نوع آخر :

الآيات السابقة تكفي مؤونة هذا البحث ؛ فإنّها تنهي هذا النسل الجاري بالنطفة إلى‏ آدم وزوجته وتبيّن أ نّهما خلقا من تراب ، فالإنسانيّة تنتهي إليهما وهما لايتّصلان بآخر يماثلهما

1.ص : ۷۵ - ۸۳ .

2.الأعراف : ۲۷ .

3.الإسراء : ۶۱ ، ۶۲ .

4.الميزان في تفسير القرآن : ۴/۱۴۱ .

الصفحه من 262