393
الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام

۲۸۷.تاريخ الطبري عن عمّار الدُّهني عن أبي جعفر [ الباقر ] عليه السلام : قامَ رَجُلٌ مِمَّن يَهوى‏ يَزيدَ بنَ مُعاوِيَةَ إلَى النُّعمانِ بنِ بَشيرٍ ، فَقالَ لَهُ : إنَّكَ ضَعيفٌ أو مُتَضَعِّفٌ ، قَد فَسدَ البِلادُ !
فَقالَ لَهُ النُّعمانُ : أن أكونَ ضَعيفاً وأنا في طاعَةِ اللَّهِ ، أحَبُّ إلَيَّ مِن أن أكونَ قَوِيّاً في مَعصِيَةِ اللَّهِ ، وما كُنتُ لِأَهتِكَ سِتراً سَتَرَهُ اللَّهُ . فَكَتَبَ بِقَولِ النُّعمانِ إلى‏ يَزيدَ. ۱

۲۸۸.الفتوح : بَلَغَ ذلِكَ النُّعمانَ بنَ بَشيرٍ ؛ قُدومُ مُسلِمِ بنِ عَقيلٍ الكوفَةَ ، وَاجتِماعُ الشّيعَةِ عَلَيهِ ، وَالنُّعمانُ يَومَئِذٍ أميرُ الكوفَةِ ، فَخَرَجَ مِن قَصرِ الإِمارَةِ مُغضَباً ، حَتّى‏ دَخَلَ المَسجِدَ الأَعظَمَ ، فَنادى‏ فِي النّاسِ فَاجتَمَعوا إلَيهِ ، فَصَعِدَ المِنبَرَ ، فَحَمِدَ اللَّهَ وأثنى‏ عَلَيهِ ، ثُمَّ قالَ :
أمّا بَعدُ يا أهلَ الكوفَةِ ، فَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُم ، ولا تُسارِعوا إلَى الفِتنَةِ وَالفُرقَةِ ؛ فَإِنَّ فيها سَفكَ الدِّماءِ ، وذَهابَ الرِّجالِ وَالأَموالِ ، وَاعلَموا أنّي لَستُ اُقاتِلُ إلّا مَن قاتَلَني ، ولا أثِبُ إلّا عَلى‏ مَن وَثَبَ عَلَيَّ ، غَيرَ أنَّكُم قَد أبدَيتُم صَفحَتَكُم ، ونَقَضتُم بَيعَتَكُم ، وخالَفتُم إمامَكُم ، فَإِن رَأَيتُم أنَّكُم رَجَعتُم عَن ذلِكَ ، وإلّا فَوَاللَّهِ الَّذي لا إلهَ إلّا هُوَ ، لَأَضرِبَنَّكُم بِسَيفي ما ثَبَتَ قائِمُهُ في يَدي ، ولَو لَم يَكُن لي مِنكُم ناصِرٌ ، مَعَ أنّي أرجو أنَّ مَن يَعرِفُ الحَقَّ مِنكُم أكثَرُ مِمَّن يُريدُ الباطِلَ .
فَقامَ إلَيهِ عَبدُ اللَّهِ بنُ مُسلِمِ بنِ سَعيدٍ الحَضرَمِيُّ ، فَقالَ : أيُّهَا الأَميرُ ، أصلَحَكَ اللَّهُ ! إنَّ هذَا الَّذي أنتَ عَلَيهِ مِن رَأيِكَ ، إنَّما هُوَ رَأيُ المُستَضعَفينَ .
فَقالَ لَهُ النُّعمانُ بنُ بَشيرٍ : يا هذا ، وَاللَّهِ لَأَن أكونَ مِنَ المُستَضعَفينَ في طاعَةِ اللَّهِ ، أحَبُّ إلَيَّ مِن أن أكونَ مِنَ المَغلوبينَ في مَعصِيَةِ اللَّهِ . قالَ : ثُمَّ نَزَلَ عَنِ المِنبَرِ ، ودَخَلَ قَصرَ الإِمارَةِ. ۲

1.تاريخ الطبري : ج ۵ ص ۳۴۸ ، تهذيب الكمال : ج ۶ ص ۴۲۳ ، بزيادة «يقال له عبيد اللَّه بن مسلم بن شعبة الحضرمي» بعد «معاوية» ، الإصابة : ج ۲ ص ۶۹ ؛ الأمالي للشجري : ج ۱ ص ۱۹۰ ، الحدائق الورديّة : ج ۱ ص ۱۱۵ عن الإمام زين العابدين عليه السلام وراجع : تذكرة الخواصّ : ص ۲۴۱ و ص ۲۴۴ .

2.الفتوح : ج ۵ ص ۳۴ ، مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : ج ۱ ص ۱۹۷ نحوه .


الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام
392

4 / 3

خُطبَةُ النُّعمانِ بنِ بَشيرٍ ۱ وتَحذيرُهُ النّاسَ‏

۲۸۶.تاريخ الطبري عن أبي الودّاك : خَرَجَ إلَينَا النُّعمانُ بنُ بَشيرٍ فَصَعِدَ المِنبَرَ ، فَحَمِدَ اللَّهَ وأثنى‏ عَلَيهِ ، ثُمَّ قالَ : أمّا بَعدُ ، فَاتَّقُوا اللَّهَ عِبادَ اللَّهِ ، ولا تُسارِعوا إلَى الفِتنَةِ وَالفُرقَةِ ؛ فَإِنَّ فيهِما يَهلِكُ الرِّجالُ ، وتُسفَكُ الدِّماءُ ، وتُغصَبُ الأَموالُ - وكانَ حَليماً ناسِكاً يُحِبُّ العافِيَةَ - [ثُمَ‏] ۲ قالَ : إنّي لَم اُقاتِل مَن لَم يُقاتِلني ، ولا أثِبُ عَلى‏ مَن لا يَثِبُ عَلَيَّ ، ولا اُشاتِمُكُم ولا أتَحَرَّشُ بِكُم ، ولا آخُذُ بِالقَرَفِ ۳ ، ولَا الظِّنَّةِ ، ولَا التُّهَمَةِ ، ولكِنَّكُم إن أبَديتُم صَفحَتَكُم لي ، ونَكَثتُم بَيعَتَكُم ، وخالَفتُم إمامَكُم ، فَوَاللَّهِ الَّذي لا إلهَ غَيرُهُ ، لَأَضرِبَنَّكُم بِسَيفي ما ثَبَتَ قائِمُهُ في يَدي ، ولَو لَم يَكُن لي مِنكُم ناصِرٌ ، أما إنّي أرجو أن يَكونَ مَن يَعرِفُ الحَقَّ مِنكُم ، أكثَرَ مِمَّن يُرديهِ ۴ الباطِلُ .
قالَ : فَقامَ إلَيهِ عَبدُ اللَّهِ بنُ مُسلِمِ بنِ سَعيدٍ الحَضرَمِيُّ حَليفُ بَني اُمَيَّةَ ، فَقالَ : إنَّهُ لا يُصلِحُ ما تَرى‏ إلَّا الغَشمُ ۵ ، إنَّ هذَا الَّذي أنتَ عَلَيهِ فيما بَينَكَ وبَينَ عَدُوِّكَ رَأيُ المُستَضعَفينَ .
فَقالَ : أن أكونَ مِنَ المُستَضعَفينَ في طاعَةِ اللَّهِ ، أحَبُّ إلَيَّ مِن أن أكونَ مِنَ الأَعَزّينَ في مَعصِيَةِ اللَّهِ . ثُمَّ نَزَلَ. ۶

1.نعمان بن بشير بن سعد، أبو عبداللَّه. كان أبوه بشير بن سعد أوّل من بايع أبابكر يوم السقيفة. هو أوّل مولود من الأنصار بالمدينة بعد الهجرة برواية أهل المدينة ، وأمّا أهل الكوفة فقد رووا أنّه سمع عن النبيّ صلى اللَّه عليه وآله أخباراً كثيرة ، فيكون أكبر سنّاً ممّا ذكر أهل المدينة. كان شاعراً ، وكان عثمانيّاً منحرفاً عن أمير المومنين عليّ عليه السلام . صاحَبَ معاوية بصفّين ولم يكن معه من الأنصار غيره ، استعمله معاوية على حمص ثمّ على الكوفة ، واستعمله يزيد أيضاً عليها. كان من اُمراء يزيد ، وصار زبيريّاً في خلافة مروان بن الحكم . دعا أهلَ حمص إلى نفسه فلم يجيبوه ، فهرب من حمص ، فطلبوه وأدركوه ، فقتلوه واحتزّوا رأسه سنة (۶۴ أو ۶۵ ه) (راجع: الطبقات الكبرى: ج ۶ ص ۵۳ و اُسد الغابة: ج ۵ ص ۳۱۰ و الإصابة: ج ۶ ص ۳۴۶ والأخبار الطوال : ص ۲۲۷ وتاريخ دمشق : ج ۱۰ ص ۲۸۸ شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: ج ۴ ص ۷۷ والأعلام للزركلي: ج ۸ ص ۳۶ وتاريخ اليعقوبي: ج ۲ ص ۱۹۵).

2.ما بين المعقوفين أثبتناه من الكامل في التاريخ .

3.القَرَفُ : التُّهمة (النهاية : ج ۴ ص ۴۶ «قرف») .

4.رَدِيَ فلانٌ : هلك . وأرداهُ غَيرُهُ (تاج العروس : ج ۱۹ ص ۴۵۵ «ردى») .

5.الغَشْمُ : الظُّلم (لسان العرب : ج ۱۲ ص ۴۳۷ «غشم») .

6.تاريخ الطبري : ج ۵ ص ۳۵۵ ، الكامل في التاريخ : ج ۲ ص ۵۳۵ ؛ الإرشاد : ج ۲ ص ۴۱ وفيه «عبد اللَّه بن مسلم بن ربيعة الحضرمي» ، بحار الأنوار : ج ۴۴ ص ۳۳۶ وراجع : أنساب الأشراف : ج ۲ ص ۳۳۴ و الأخبار الطوال : ص ۲۳۱ و تاريخ ابن خلدون : ج ۳ ص ۲۸ .

  • نام منبع :
    الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام
عدد المشاهدين : 291347
الصفحه من 850
طباعه  ارسل الي