597
ميزان الحکمه المجلد الثامن

وكانت من السيّدات الفُضلَيات في الجاهليّة تدعى‏ اُمّ المساكين ؛ لكثرة برّها للفقراء والمساكين وعطوفتها بهم ، فصان بازدواجها ماء وجهها .
وتزوّج باُمّ سَلَمة واسمها هند ، وكانت من قبلُ زوجة عبداللَّه أبي سلمة ابن عمّة النبيّ وأخيه من الرّضاعة أوّل من هاجر إلَى الحبشة ، وكانت زاهدة فاضلة ذات دِين ورأي ، فلمّا توفّي عنها زوجها كانت مُسنّة ذات أيتام فتزوّج بها النبيّ صلى اللَّه عليه وآله .
وتزوّج بصفيّة بنت حُييّ بن أخطَب سيّد بني النَّظير ، قتل زوجها يوم خيبر وقتل أبوها مع بني القُرَيظة ، وكانت في سَبي خيبر فاصطفاها وأعتقها وتزوّج بها ، فوقاها بذلك من الذلّ ووصل سببه ببني إسرائيل .
وتزوّج بجويرية واسمها بَرّة بنت الحارث سيّد بني المُصطَلق ، بعد وقعة بني المُصطَلق وقد كان المسلمون أسَروا منهم مائتي بيت بالنساء والذراري ، فتزوّج صلى اللَّه عليه وآله بها ، فقال المسلمون : هؤلاء أصهار رسول اللَّه لا ينبغي أسرهم ، وأعتقوهم جميعاً ، فأسلم بنو المصطلق بذلك ، ولحقوا عن آخرهم بالمسلمين وكانوا جمّاً غفيراً ، وأثّر ذلك أثراً حسناً في سائر العرب .
وتزوّج بميمونة واسمها بَرّة بنت الحارث الهلاليّة ، وهي التي وهبت نفسها للنبيّ صلى اللَّه عليه وآله بعد وفاة زوجها الثاني أبي رهم بن عبد العُزّى‏ ، فاستنكحها النبيّ صلى اللَّه عليه وآله وتزوّج بها وقد نزل فيها القرآن .
وتزوّج باُمّ حبيبة واسمها رَملَة بنت أبي سفيان ، وكانت زوجة عبيداللَّه بن جحش وهاجر معها إلَى الحبشة الهجرة الثانية فتنصّر عبيداللَّه هناك وثبتت هي علَى الإسلام ، وأبوها أبو سفيان يجمع الجموع علَى الإسلام يومئذٍ ، فتزوّج بها النبيّ صلى اللَّه عليه وآله وأحصنها .


ميزان الحکمه المجلد الثامن
596

على‏ ما يشهد به قوله تعالى‏ في القصّة : (يا أيُّها النَّبيُّ قُلْ لأزْواجِكَ إنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الحَياةَ الدُّنيا وزِينَتَها فتَعالَيْنَ اُمَتِّعْكُنَّ واُسَرِّحْكُنَّ سَراحاً جَميلاً * وإنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ ورَسُولَهُ والدّارَ الآخِرَةَ فإنّ اللَّهَ أعَدَّ للمُحْسِناتِ مِنْكُنَّ أجْراً عَظيماً) .۱ وهذا المعنى‏ أيضاً - كما ترى‏ - لا ينطبق على‏ حال رجل مغرم بجمال النّساء صابٍ إلى‏ وصالهنّ .
فلا يبقى‏ حينئذٍ للباحث المتعمّق - إذا أنصف - إلّا أن يوجّه كثرة ازدواجه صلى اللَّه عليه وآله فيما بين أوّل أمره وآخر أمره بعوامل اُخر غير عامل الشره والشبق والتلهّي .
فقد تزوّج صلى اللَّه عليه وآله ببعض هؤلاء الأزواج اكتساباً للقوّة وازدياداً للعضد والعشيرة ، وببعض هؤلاء استمالةً للقلوب وتوقّياً من بعض الشرور ، وببعض هؤلاء ليقوم على‏ أمرها بالإنفاق وإدارة المعاش ، وليكون سنّة جارية بين المؤمنين في حفظ الأرامل والعجائز من المسكنة والضيعة .
وببعضها لتثبيت حكم مشروع وإجرائه عملاً لكسر السنن المنحطّة والبدع الباطلة الجارية بين الناس ، كما في تزوّجه بزينب بنت جحش وقد كانت زوجة لزيد بن حارثة ثمّ طلّقها زيد ، وقد كان زيد هذا يدعَى ابن رسول اللَّه على‏ نحو التبنّي ، وكانت زوجة المدعوّ ابناً عندهم كزوجة الابن الصُّلبيّ لا يتزوّج بها الأب ، فتزوّج بها النبيّ صلى اللَّه عليه وآله ونزل فيها الآيات.
وكان صلى اللَّه عليه وآله تزوّج لأوّل مرّة بعد وفاة خديجة بسَودة بنت زمعة وقد توفّي عنها زوجها بعد الرجوع من هجرة الحبشة الثانية ، وكانت سودة هذه مؤمنة مهاجرة ، ولو رجعت إلى‏ أهلها وهم يومئذٍ كفّار لفتنوها كما فتنوا غيرها من المؤمنين والمؤمنات بالزجر والقتل والإكراه علَى الكفر .
وتزوّج بزينب بنت خُزَيمة بعد قتل زوجها عبداللَّه بن جحش في اُحد ،

1.الأحزاب : ۲۸ و ۲۹ .

  • نام منبع :
    ميزان الحکمه المجلد الثامن
    المجلدات :
    10
    الناشر :
    دارالحدیث
    مکان النشر :
    قم
    تاریخ النشر :
    1433
    الطبعة :
    الاولی
عدد المشاهدين : 147277
الصفحه من 629
طباعه  ارسل الي