التَّدبيرُ وثباتُهُ وقِوامُ بَعضِهِ بِبَعضٍ على أنَّ الصّانِعَ واحدٌ وذلكَ قَولُهُ : (ما اتَّخَذَ اللَّهُ مِن وَلَدٍ) إلى قَولِهِ : (لَعَلا بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ) .۱
بيان :
قال العلّامة الطباطبائي قدّس سرّه في قوله تعالى : (إذاً لَذَهَبَ كُلُّ إلهٍ بِما خَلَقَ) حجّة على نفي التعدّد ببيانِ محذوره ؛ إذ لا يُتصوّر تعدّد الآلهة إلّا بِبَينونتها بوجه من الوجوه ؛ بحيث لا تتّحد في معنَى اُلوهيّتها ورُبوبيّتها ، ومعنى ربوبيّة الإله في شطرٍ من الكون ونوع من أنواعه تفويضُ التدبير فيه إليه بحيث يستقلّ في أمره من غير أن يحتاج فيه إلى شيء غير نفسه حتّى إلى مَن فَوّض إليه الأمر ، ومن البيّن أيضاً أنّ المُتباينَينِ لا يترشّح منهما إلّا أمران مُتباينان .
ولازم ذلك أن يستقلّ كلٌّ من الآلهة بما يرجع إليه من نوع التدبير ، وتنقطع رابطة الاتّحاد والاتّصال بين أنواع التدابير الجارية في العالم ، كالنظام الجاري في العالم الإنسانيّ عن الأنظمة الجارية في أنواع الحيوان والنبات والبرّ والبحر والسهل والجبل والأرض والسماء وغيرها ، وكلٌّ منها عن كلٍّ منها ، وفيه فساد السماوات والأرض وما فيهنّ ، ووحدة النظام الكونيّ والتئام أجزائه واتّصال التدبير الجاري فيه يكذّبه .
وهذا هو المراد بقوله : (إذاً لَذَهَبَ كُلُّ إلهٍ بِما خَلَقَ) أي انفصل بعض الآلهة عن بعض بما يترشّح منه من التدبير .
وقوله : (ولَعَلا بَعضُهُم عَلى بَعضٍ) محذور آخرُ لازمٌ لتعدّد الآلهة تتألّف منه حجّة اُخرى على النفي ، بيانه : أنّ التدابير الجارية في الكون مختلفة ، منها : التدابير العَرْضيّة كالتدبيرَينِ الجاريَينِ في البرّ والبحر والتدبيرَينِ الجاريَينِ في الماء والنار ، ومنها : التدابير الطُّوليّة التي تنقسم إلى تدبير عامّ كلّيّ حاكم ، وتدبير خاصّ جزئيّ محكوم ، كتدبير العالم الأرضيّ وتدبير