385
نَهجُ الذِّكر 1

والذي تحصل من البحث المتقدّم في ذيل الآية الكريمة أنّ لها تسبيحا هو كلام بحقيقة معنى الكلام وهو إظهارها تنزّه ربّها بإظهارها نقص ذاتها وصفاتها وأفعالها عن علم منها بذلك . ۱
وقد جاءت خلاصة المواضيع الّتي مرّت في بيان التسبيح الحقيقي للأشياء، باُسلوب جميل باللغة الفارسية في الأبيات التالية الّتي ترجمناها إلى العربية:

لو انفَتَحت لك عَينٌ مِنَ الغيبِلَشارَكَتكَ ذَرّاتُ العالم في الأسرارِ
فَحواسُّ أهلِ القَلبِ تَحسُّبِنِطقِ الماءِ والتُرابِ والطينِ
جَميعُ الذرّاتِ في العالمِ تُردِّدُمَعكَ في عالمِ الغَيبِ لَيلاً وَنهارا
نحن سَميعاتٌ وبَصيرات ولنا الوعيُ والشعورُوصامتاتٌ مَعكُم أيُّها الأجانبُ
انتقلوا من حالة الجماد إلى الرُّوحِاسمعوا تَمتمَةَ أجزاءِ العالمِ
سوف يفشى لك تسبيحُ الجماداتِوَتزيل عَنكَ وَسوَسةُ التأويلاتِ

دوام تسبيح الموجودات، أو انقطاعه

وأمّا الملاحظة الأخيرة فهي أنّ بعض آيات القرآن وروايات أهل البيت عليهم السلام، تصرّح بأنّ لتسبيح بعض الأشياء وقتا خاصّا ، على سبيل المثال فقد كانت الجبال تسبّح

1.الميزان في تفسير القرآن : ج ۱۳ ص ۱۲۳ .


نَهجُ الذِّكر 1
384

لا تحتمل إلّا الحقيقة كقوله تعالى: «وَ سَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَ الطَّيْرَ»۱ ، وقوله : «إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِىِّ وَ الْاءِشْرَاقِ»۲ ، ويقرب منه قوله : «يَـجِبَالُ أَوِّبِى مَعَهُو وَ الطَّيْرَ»۳ .
فلا معنى لحملها على التسبيح بلسان الحال .
وقوله : «إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا» أي يمهل فلا يعاجل بالعقوبة ويغفر من تاب ورجع إليه، وفي الوصفين دلالة على تنزّهه تعالى عن كل نقص فإنّ لازم الحلم أن لا يخاف الفوت، ولازم المغفرة أن لا يتضرّر بالمغفرة ولا بإفاضة الرحمة فملكه وربوبيّته لا يقبل نقصا ولا زوالاً . وقد قيل في وجه هذا التذييل إنّه إشارة إلى أنّ الإنسان في قصوره عن فهم هذا التسبيح الّذي لا يزال كلّ شيء مشتغلاً به حتّى نفسه بجميع أركان وجوده بأبلغ بيان، مخطئ من حقّه أن يؤاخذ به لكنّ اللّه سبحانه بحلمه ومغفرته لا يعاجله ويعفو عن ذلك إن شاء .
وهو وجه حسن ولازمه أن يكون الإنسان في وسعه أن يفقه هذا التسبيح من نفسه ومن غيره ... ۴
كما يصرّح في بيان الروايات الّتي جاءت حول نصّ تسبيح الأشياء قائلاً :
والروايات في تسبيح الأشياء على اختلاف أنواعها كثيرة جدّا، وربّما اشتبه أمرها على بعضهم فزعم أنّ هذا التسبيح العام من قبيل الأصوات، وأنّ لعامة الأشياء لغة أو لغات ذات كلمات موضوعة لمعان نظير ما للإنسان مستعملة للكشف عمّا في الضمير غير أن حواسنا مصروفة عنها وهو كما ترى .

1.الأنبياء: ۷۹ .

2.ص : ۱۸ .

3.سبأ : ۱۰ .

4.الميزان في تفسير القرآن : ج ۱۳ ص ۱۰۸ ـ ۱۱۲ .

  • نام منبع :
    نَهجُ الذِّكر 1
    المساعدون :
    الافقي، رسول
    المجلدات :
    2
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1428 ق / 1386 ش
    الطبعة :
    الاولى
عدد المشاهدين : 199692
الصفحه من 604
طباعه  ارسل الي