237
نَهجُ الذِّكر 1

يقول العلّامة الأميني ـ بعد نقل الخبر السابق ـ :
تنمّ هذه الأحاديث عن أنّ البسملة لم تزل جزءا من السورة منذ نزول القرآن الكريم ، وعلى ذلك تمرّنت الاُمّة ، وانطوت الضمائر ، وتطامنت العقائد ، ولذلك قال المهاجرون والأنصار لمّا تركها معاوية : إنّه سرق ، ولم يتسنّ لمعاوية أن يعتذر لهم بعدم الجزئية حتّى التجأ إلى إعادة الصلاة مكلّلة سورتها بالبسملة ، أو أنّه التزم بها في بقية صلواته ، ولو كان هناك يومئذٍ قول بتجرّد السورة عنها لاحتجّ به معاوية ، لكنّه قول حادث ابتدعوه لتبرير عمل معاوية ونظرائه من الأمويين الّذين اتّبعوه بعد تبيّن الرشد من الغي . ۱

4 . محاربة أهل البيت عليهم السلام لهذه البدعة

يتّضح من روايات أهل البيت عليهم السلام أنّهم كانوا يؤكّدون هذا الحكم ويُصرّون عليه بشكلٍ مضاعف لأداء واجبهم في تبيين الأحكام الإلهية ، وكذلك للمحافظة على السنّة النبويّة ومحاربة بدعة حذف البسملة أو الإخفات بها . وعلى أساس هذه التأكيدات فقد اعتبروا الجهر بالبسملة أحد شعارات أهل البيت عليهم السلاموأتباعهم ، بل اعتبروا وضوح سنّة الجهر ـ في مقابل بدعة الحذف أو الإخفات بالبسملة ـ في مستوى حكم حرمة الخمر والمسح على الخفّين ، ممّا لم يكونوا يرونها من مواضع التقيّة . ۲

1.الغدير : ج ۱۰ ص ۲۰۱ .

2.عن الإمام الصادق عليه السلام : التَّقِيَّةُ ديني ودينُ آبائي إلّا في ثَلاثٍ : في شُربِ المُسكِرِ ، وَالمَسحِ عَلَى الخُفَّينِ ، وتَركِ الجَهرِ بِبِسمِ اللّه ِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ (دعائم الإسلام : ج ۱ ص ۱۱۰) .


نَهجُ الذِّكر 1
236

وعدّ الحاكم النيسابوري هذه الرواية صحيحة بعد نقلها في مستدركه . ۱
إنّنا نلاحظ أنّ الصحابة والتابعين أطلقوا صيحات الاعتراض بعد حذف البسملة من سور الصلاة ، وهذا يدلّ على أنّ الجهر بالبسملة كان يعتبر من السنّة المستمرّة ، فضلاً عن أنّ كون البسملة جزء من سورة الحمد والسور الاُخرى هو من المسلّمات لدى الصحابة ، فلو لم يكن الخلفاء السابقون ملتزمين بالجهر بالبسملة ، ولو كان هناك مستمسك للدفاع عن عمل معاوية ، لما واجه مثل هذا الاعتراض العام ، ولوجد مسندا لتبرير عمله هذا .

3 . تغيير سنّة الجهر بالبسملة

كان الالتزام بالجهر بالبسملة مستمرّا حتّى أوائل عهد حكم بني اُميّة ، حسب نقل محدّثي الشيعة وأهل السنّة ، وقد ظهرت هذه البدعة في عهد حكم السلاطين الأمويين .
وقد كان عمرو بن سعيد بن العاص والي الأمويين على المدينة ، أوّل من غيّر سنّة الجهر بالبسملة إلى الإخفات .
ينقل البيهقي عن الزهري أنّه قال :
مِن سنّة الصلاة أن يُقرأ «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَـنِ الرَّحِيمِ» ، وإنّ أوّل من أسرّ «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَـنِ الرَّحِيمِ» عمرو بن سعيد بن العاص بالمدينة ، وكان رجلاً حييا . ۲
وبالطبع فقد كان معاوية أوّل شخص أقدم على ترك البسملة كما علمنا من رواية الشافعي والدارقطني والبيهقي ، ولكنّه تراجع بعد مواجهته لاعتراض الصحابة والتابعين في المدينة ، ولكنّ أصل هذه السياسة تواصَل على يد الحكّام الأمويين .

1.المستدرك على الصحيحين : ج ۱ ص ۲۳۳ .

2.الدرّ المنثور : ج ۱ ص ۲۰ نقلاً عن البيهقي .

  • نام منبع :
    نَهجُ الذِّكر 1
    المساعدون :
    الافقي، رسول
    المجلدات :
    2
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1428 ق / 1386 ش
    الطبعة :
    الاولى
عدد المشاهدين : 199778
الصفحه من 604
طباعه  ارسل الي