217
الأسس الحديثية و الرجالية عند العلامة الشيخ محمد تقي المجلسي

واستخدامه لعدّة قواميس لغوية ، تتبع كلمة «قرن» . فقد نَقل آراء الأدباء من القاموس المحيط وصحاح اللغة وجمهرة ابن دريد (ت 321 ه ) والنهاية لابن الأثير ، ثُمَّ عرض رأيه واجتهاده الشخصي في هذا المجال لتعيين معنى «القرن» ، وهو عيب في المرأة ومن العيوب الّتي تجيز فسخ عقد النكاح . ۱ وموارد استخدام المجلسي لقواميس اللغة وغريب الحديث كثيرة جدّاً ، ۲ هذا فضلاً عن الشروحات الكثيرة لمعاني الكلمات بدون ذكر المصدر اللغوي وهو ما يورده في حالات كثيرة كشرح مقتضب يتألّف من كلمة أو كلمتين أو جملة قصيرة يأتي بها أثناء شرح الحديث . ۳
ومن الاُمور الّتي تسترعي الانتباه في شرح الكلمات عند المجلسي الأوّل رحمه الله هو استخدامه اللغة الفارسية . فهو يعلم بأنّه لا يمكن أحياناً إيصال المخاطب والقارئ باللغة الفارسية إلى لب المعنى مهما جهد في شرح معنى الكلمة ، ولذلك قال عند ترجمة كلمة «ثنّى» الّتي يُتّفق على أنّها كلمة معقّدة وكثيرة الاستخدام : «وثنّى عليها قطيفة ، وفي الفارسية : دوته كرد» .
والملاحظة الأخيرة هي أنّ العلاّمة المجلسي رحمه الله استفاد عند ترجمة مفردات بعض المتون الحديثية العويصة والعسيرة الفهم من معلوماته الاُخرى ، ولم يعتبر ذلك الأمر محصوراً ضمن إطار الأدب العربي واللغة العربية . فقد استفاد عند شرحه لكلمة

1.روضة المتّقين ، ج ۸ ، ص ۳۲۸ .

2.روضة المتّقين ، ج ۸ ، ص ۱۹۰ . كلمة «الحيس» التمر يخلط بسمن . وفي ص ۳۸۲ كلمة «قفندر» كسمندر : كريه المنظر ، من قاموس اللغة . وفي ج ۸ ، ص ۳۸۳ «عارضة الباب» : أي الخشبة الّتي تمسك عضادتيه من فوق محاذية الأسكنة» من صحاح الجوهري . وفي ج ۸ ، ص ۳۵۸ «الأفلج» ، وفي ص ۳۶۱ «القتب» ، وفي ص ۳۶۴ «الغراب الأعصم» من نهاية ابن الأثير . وأيضاً راجع : ج ۸ ، ص ۳۲۳ و ص ۱۳۲ و ص ۱۱۱ و ج ۱۲ ، ص ۲۲۴ وغير ذلك .

3.على سبيل المثال ، راجع : روضة المتقين ، ج ۱ ، ص ۳۵۹ وص ۳۸۰ وج ۱۲ ، ۸۹ ، ۹۰ ، ۱۲۱ ، ۱۴۶ ، ۱۵۳ ، حيث تناول شرح كلمات ، مثل : «ضغطة القبر» و«تنوّقوا» «فواق ناقة» ، «الباغون» ، «ملاحاة الرجال» «مشارّة الناس». «الملح الجريش».


الأسس الحديثية و الرجالية عند العلامة الشيخ محمد تقي المجلسي
216

الرجوع إلى القواميس القديمة والمعاصرة لعهد صدور الروايات .
وعلى صعيد آخر لا تتكفل القواميس اللغوية بفصل وتمييز المعاني الحقيقية عن المعاني المجازية ، والكثير منها تضع المعاني المجازية للكلمة إلى جانب معانيها الحقيقية والأصلية . ولم يشر إلى هذا الفارق ، إلاّ عدد قليل من المؤلّفين مثل الزمخشري في أساس البلاغة .
ومع كُلّ ذلك وعلى افتراض قِدَم القاموس ومؤلّفه وإقدامه على فصل المعاني الحقيقية عن المعاني المجازية ، يبقى هناك مجال لهذا السؤال ، وهو كيف يمكن في قضية مهمّة كالحديث الّذي يكون أساساً للعمل ، التعويل على رأي شخص واحد والاكتفاء به؟ وهذا السؤال يراود أذهان جميع فقهائنا ومحدّثينا المتبحّرين . والإجابة عنه تُلقي على كواهلهم عملاً شاقاً آخر ، وتحيل عليهم مهمّة التتبّع والبحث في قواميس اللغة . وكان المجلسي الأوّل من هؤلاء الرجال ، فهو عند شرحه وتفسيره لمعاني الكلمات لا يقتصر على قاموس واحد . ورغم توفّر القواميس القديمة بين يديه ، إلاّ أنّه لم ير نفسه في غنىً عن الرجوع إلى الكتب الاُخرى وحتّى كتب غريب الحديث . ۱ فكان يعتمد في هذا المجال بكثرة على كتب مثل : صحاح اللغة لإسماعيل بن حمّاد الجوهري (م 393 ه ) ، والقاموس المحيط لمحمّد بن يعقوب الفيروزآبادي (ت 816 ه) ، ومن كتب غريب الحديث كتاب النهاية في غريب الحديث والأثر لابن الأثير الجزري (ت 606 ه ) .
ويكفي للكشف عن روح الاجتهاد عند المجلسي الأوّل رحمه الله في فهم معاني الكلمات

1.كتب غريب الحديث : هي مجموعة الكتب الّتي تُعنى بشرح معاني الألفاظ غير المعروفة في الحديث ، وأكثر ما يتركّز البحث فيها على المعنى الّذي اُريد منها في ذلك المجال ، وكانت على الدوام خير معين للمحدّثين على فهم معاني ألفاظ الحديث ؛ راجع : مجلّة علوم حديث (باللغة الفارسية) ، العدد ۱۳ ، عبدالهادي المسعودي : «سير تدوين غريب الحديث» .

  • نام منبع :
    الأسس الحديثية و الرجالية عند العلامة الشيخ محمد تقي المجلسي
    المساعدون :
    جدیدی نجاد، محمدرضا ، المسعودی، عبدالهادی
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1385
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 94556
الصفحه من 296
طباعه  ارسل الي