139
الأسس الحديثية و الرجالية عند العلامة الشيخ محمد تقي المجلسي

المكاتبات كالمشافهات في الاعتبار

أ ـ يقول الشارح بعد نقل صحيحة محمّد بن إسماعيل بن بزيع عن الرضا عليه السلام في عدم فساد ماء البئر إلاّ أن يتغير طعمه أو ريحه ، والإشارة إلى علوّها وصراحتها ما هو صريح في هذا المعنى ، حيث قال : «وبعض الأصحاب ضعّف الخبر بأنّه مكاتبة وغفل عن المشافهة مع أنّ هذه المكاتبات لا تقصر عن المشافهات ، بل كانت عند القُدَماء أكثر اعتباراً من المشافهات ويباهون بها كما يظهر لمن تتبع آثارهم وسيجيء من الصَدوق أيضاً ما يشعر بما قلناه» . ۱
ب ـ في باب قضاء الصوم عن الميت ، يقول الصَدوق بعد نقل مكاتبة محمّد بن الحسن الصفّار : «قال مصنّف هذا الكتاب رحمه الله وهذا التوقيع عندي مع توقيعاته إلى محمّد بن الحسن الصفّار بخطّه عليه السلام » .
ويقول الشارح في ذيل كلامه : «ويفهم من مباهاة الصَدوق أنّ الاعتناء بالمكاتيب كان أكثر من المسانيد بالمشافهة كما هو الظاهر من أحوالهم ، وإن أمكن أن يكون المباهاة بخطّه عليه السلام المنسوب إليه» . ۲

تنبيه

قد عَرَفتَ هنا أنّ الشارح اعتقد بأنّ المكاتبات تساوي المشافهات في الاعتبار ، بل كانت عند القُدَماء أكثر اعتبارا ، لكن سيجيء في الباب الثالث نصّ كلامه الدالّ على أنّه يقول ما قاله المشهور من قصور حجّية مضمون المكاتبات بالنسبة إلى المشافهات ؛ لأنّ احتمال التَقِيّة فيها أزيد من غيرها وذلك لإمكان وقوعها في أيدي المخالفين . ومن البديهي أنَّ الإنكار والعذر يُسمعان في القول ولا يسمع شيء منهما في الكتابة . اللّهمَّ

1.روضة المتّقين ، ج ۱ ، ص ۸۲ .

2.المصدر السابق ، ج ۳ ، ص ۴۲۷ .


الأسس الحديثية و الرجالية عند العلامة الشيخ محمد تقي المجلسي
138

عنه في كتبه ، واعتماد التلميذ الّذي كان مثل الصَدوق يكفي ، عفا اللّه عنّا وعنهم» . ۱
ومنها : قوله في باب النوادر : «عليك بكتاب مصباح الشريعة (المنسوب إلى الصادق عليه السلام ) ، رواه الشهيد الثاني رضى الله عنه بأسانيده عن الصادق عليه السلام ومتنه يدلّ على صحّته» . ۲
ومنها : قوله في باب «رسم الوصية» من كتاب الوصية ـ بعد نقل الصَدوق خبراً عن سليم بن قيس الهلالي مرسلاً ـ : «الظاهر أنّه أخذه من كتابه وعندنا كتابه ، ومتنه يشهد بصحّته وما نسبه إليه بعض المجاهيل (من) أنّ هذا الكتاب وضعه أبان ونسبه إلى سليم فغلط نشأ من عدم التتبّع ، فإنّه رواه ثقات أصحابنا وعرضوه على الأئمّة عليهم السلام» . ۳

ضعف الخبر ينجبر بعمل الأصحاب

اعتقد الشارح ـ مثل كثير من العُلَماء ـ بأنّ الحديث الضعيف (من جهة السند) إذا عمل به مشهور القُدَماء وأفتوا على طبق مضمونه ينجبر ضعف سنده ويصير حجّة .
ولقد توجّه إلى ذلك وصرّح به في مواضع كثيرة من شرحه بعد نقل عدد من الروايات الضعيفة ، ننقل هنا أحدها وهي المشتملة على دليل ذهابه إلى هذا القول ؛ فإنّه قال في باب «ما يجب على من أفطر أو جامع» من كتاب الصوم بعد نقل الصَدوق رواية عن المفضل بن عمر عن أبي عبداللّه عليه السلام ما نصّه : «وذكر المحقّق في المعتبر والعلاّمة في المنتهى أنّ هذه الرواية وإن كانت ضعيفة السند ، إلاّ أنّ أصحابنا ادّعوا الإجماع على مضمونها مع ظهور العمل والقول بها ونسبة الفتوى إلى الأئمّة عليهم السلام ، وإذا عرف ذلك لم يعتد بالناقلين ، إذ يعلم أقوال أرباب المذاهب بنقل أتباعهم وإن اُسندت في الأصل إلى الضُعَفاء والمجاهيل» . ۴

1.روضة المتّقين ، ج ۱۴ ، ص ۲۵۰ .

2.المصدر السابق ، ج ۱۳ ، ص ۲۰۱ .

3.المصدر السابق ، ج ۱۱ ، ص ۳۶ .

4.المصدر السابق ، ج ۳ ، ص ۳۲۱ . للتفصيل اُنظر : ج ۱ ، ص ۵۲ ـ ۵۳ و۲۰۶ و۲۰۸ و۳۷۲ و۳۸۴ ، وج ۲ ، ص ۱۸۱ ـ ۱۸۲ .

  • نام منبع :
    الأسس الحديثية و الرجالية عند العلامة الشيخ محمد تقي المجلسي
    المساعدون :
    جدیدی نجاد، محمدرضا ، المسعودی، عبدالهادی
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1385
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 95712
الصفحه من 296
طباعه  ارسل الي