443
تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج2

هو مرادُ الرضيّ بقوله : وقد يؤوَّل ذلك على معنىً آخرَ ليس هذا موضع ذِكره ۱ .

109

الأصْلُ:

۰.لاَ مَالَ أَعْوَدُ مِنَ الْعَقْلِ ، وَلاَ وَحْدَةَ أَوْحَشُ مِنَ الْعُجْبِ ، وَلاَ عَقْلَ كَالتَّدْبِيرِ ، وَلاَ كَرَمَ كَالتَّقْوَى ، وَلاَ قَرِينَ كَحُسْنِ الْخُلْقِ ، وَلاَ مِيرَاثَ كَالْأَدَبِ ، وَلاَ قَائِدَ كَالتَّوْفِيقِ ، وَلاَ تِجَارَةَ كالْعَمَلِ الصَّالِحِ ، وَلاَ زَرْعَ كَالثَّوَابِ ، وَلاَ وَرَعَ كالْوُقُوفِ عِنْدَ الشُّبْهَةِ ، وَلاَ زُهْدَ كَالزُّهْدِ فِي الْحَرَامِ ، وَلاَ عِلْمَ كَالتَّفَكُّرِ ، وَلاَ عِبَادَةَ كَأَدَاءِ الْفَرائِض .
وَلاَ إِيمَانَ كَالْحَيَاءِ وَالصَّبْرِ ، وَلاَ حَسَبَ كَالتَّوَاضُعِ ، وَلاَ شَرَفَ كَالْعِلْمِ ، وَلاَ عِزَّ كالْحِلْمِ ، وَلاَ مُظَاهَرَةَ أَوْثَقُ مِنَ الْمُشَاوَرَةِ .

الشّرْحُ:

قد تقدّم الكلامُ في جميع هذه الحكم .
أما المال ، فإنّ العقل أعوَدُ منه ؛ لأنّ الأحمق ذا المال طالما ذهب مالُه بحمْقه ، فعادَ أحمقَ فقيرا ، والعاقل الذي لا مال له طالما اكتسب المال بعقله ، وبقي عقلُه عليه .
وأمّا العُجْب ، فيوجب المَقْت ، ومن مُقِت أُفرد عن المخالطة واستوحِش منه ، ولا رَيْب أن التدبير هو أفضلُ العقل ؛ لأنّ العيش كله في التدبير .
وأمّا التقوى ، فقد قال اللّه : «إنّ أكرمَكُمْ عنْدَ اللّه أتْقاكُمْ»۲ .

1.ذكر السيد المرتضى في تأويل كلام الإمام عليه السلام : (من أحبنا أهل البيت فليتخذ للفقر جلباباً) وجوهاً ثلاثة ، والأخير ـ وهو مختاره ـ من أحبنا فليلزُم نفسه وليَخْطِمْها وليَقُدْها إلى الطاعاتِ ، ويصرفها عما تميل إليه من الشهوات ، وليُذلِّلها على الصبر عما كُرِه منها ، ومشَقَّةِ ما أُريد منها ، كما يفعل ذلك بالبعير الصعب . أمالي المرتضى ۱:۱۸ المجلس الثاني .

2.سورة الحجرات ۱۳ .


تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج2
442

قلتُ : المُفاعَلة تدلّ عَلَى كون الفعل بين الاثنين كالمُضارَبة والمُقاتَلة .
ويضارع : يتعرّض لطَلَب الحاجَة ؛ ويجوز أن يكون من الضّراعة وهي الخُضوع ، أي يخضعُ لزَيدٍ ليَخضَع زيدٌ له ؛ ويجوز أن يكون من المضارَعة بمعنى المشابَهة ، أي لا يتشبّه بأئمّة الحقّ أو وُلاة الحَقّ ، وليس منهم . وأمّا اتّباع المَطامِع فمعروف .

108

الأصْلُ:

۰.وقال عليه السلام ـ وقد توفي سهل بن حُنَيْفٍ الأنصاري بالكوفة بعد مرجعه معه من صفين ، وكان أحب الناس إليه ـ:لَوْ أَحَبَّنِي جَبَلٌ لَتَهَافَتَ .
قال الرضي رحمه الله :
ومعنى ذلك أن المحنة تغلظ عليه ، فتسرع المصائب إليه ، ولا يفعل ذلك إلاّ بالأتقياء الأبرار والمصطفين الأخيار ، وهذا مثل قوله عليه السلام : « مَنْ أحَبَّنَا أَهْلَ الْبَيْتِ فَلْيَسْتَعِدَّ لِلْفَقْرِ جِلْبَاباً» ، وقد يؤول ذلك على معنى آخر ليس هذا موضع ذكره .

الشّرْحُ:

قد ثبت أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله وسلم قال له : «لا يُحبّك إلاّ مؤمن ؛ ولاَ يَبغَضكَ إلاّ مُنافق » . وقد ثَبَتَ أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله وسلم قال : «إنّ البَلوَى أسرَعُ إلى المؤمن من الماءِ إلى الحدُور» . وفي حَديثٍ آخَرَ : «المؤمنُ مُلَقّىً ، والكافرُ مُوَقّىً» . وفي حديثٍ آخر : «خيرُكم عند اللّه أعظمُكم مصائبَ في نفسِه ومالِه وولدِه » .
وهاتان المقدّمتان يَلزَمهما نتيجة صادقة ، وهي أنه عليه السلام لو أحبّه جبلٌ لتَهافَت ولعلّ هذا

  • نام منبع :
    تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج2
    المجلدات :
    2
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1426 ق / 1384 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 113986
الصفحه من 800
طباعه  ارسل الي