235
تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج1

79

الأصْلُ :

۰.ومن كلام له عليه السلام بعد فراغه من حرب الجمل في ذمّ النساءمَعَاشِرَ النَّاسِ ، إِنَّ النّـِسَاءَ نَوَاقِصُ الإيمَانِ ، نَوَاقِصُ الْحُظُوظِ نَوَاقِصُ الْعُقُولِ : فَأَمَّا نُقْصَانُ إِيمَانِهِنَّ فَقُعُودُهُنَّ عَنِ الصَّلاَةِ والصِّيَامِ فِي أَيَّامِ حَيْضِهِنَّ ، وَأَمَّا نُقْصَانُ عُقُولِهِنَّ فَشَهَادَةُ امْرَأَتَيْنِ كَشَهَادَةِ الرَّجُلِ الْوَاحِدِ ، وَأَمَّا نُقْصَانُ حُظُوظِهِنَّ فَمَوارِيثُهُنَّ عَلى الْأَنْصَافِ مِنْ مَوَارِيثِ الرِّجَالِ .
فَاتَّقُوا شِرَارَ النِّسَاءِ ، وَكُونُوا مِنْ خِيَارِهِنَّ عَلَى حَذَرٍ ، وَلاَ تُطِيعُوهُنَّ فِي الْمَعْرُوفِ حَتَّى لاَ يَطْمَعْنَ فِي الْمُنْكَرِ .

الشّرْحُ :

جَعَل عليه السلام نقصانَ الصّلاة نقصانا في الإيمان، وهذا هو قولُ أصحابِنا: إنّ الأعمال من الإيمان، وإنّ المقرّ بالتوحيد والنبوّة، وهو تارك للعمل ليس بمؤمن .
وقوله عليه السلام «ولا تطيعوهنّ في المعروف»، ليس بنهي عن فعل المعروف ؛ وإنما هو نهي عن طاعتهنّ، أي لا تفعلوه لأجل أمرهنّ لكم بهِ، بل افعلوه لأ نّه معروف، والكلام ينحو نحو المثل المشهور: «لا تعط العبد كُراعا فيأخذ ذراعا» .
وهذا الفصل كلّه رمز إلى عائشة، ولا يختلفُ أصحابنا في أنها أخطأت فيما فعلت .

80

الأصْلُ :

۰.ومن كلام له عليه السلامأَيُّهَا النَّاسُ ، الزَّهَادَةُ قِصَرُ الْأَمَلِ ، وَالشُّكْرُ عِنْدَ النِّعَمِ ، وَالتَّوَرُّعُ عِنْدَ الْمَحَارِمِ ،


تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج1
234

ـ من طريق علم النجوم ـ فقال عليه السلام :
أَتَزْعَمُ أَنَّكَ تَهْدِي إِلَى السَّاعَةِ الَّتِي مَنْ سَارَ فِيهَا صُرِفَ عَنْهُ السُّوءُ ؟ وَتُخَوِّفُ مِنَ السَّاعَةِ الَّتِي مَنْ سَارَ فِيهَا حَاقَ بِهِ الضُّرُّ ؟ فَمَنْ صَدَّقَكَ بِهـذَا فَقَدْ كَذَّبَ الْقُرْآنَ ، وَاسْتَغْنى عَنِ الاْسْتِعَانَةِ بِاللّهِ فِي نَيْلِ الْمَحْبُوبِ وَدَفْعِ الْمَكْرُوهِ ؛ وَتَبْتَغِي فِي قَوْلِكَ لِلْعَامِلِ بِأَمْرِكَ أَنْ يُولِيَكَ الْحَمْدَ دُونَ رَبِّهِ ، لِأَنَّكَ ـ بِزَعْمِكَ ـ أَنْتَ هَدَيْتَهُ إِلَى السَّاعَةِ الَّتِي نَالَ فِيهَا النَّفْعَ ، وَأَمِنَ الضُّرَّ !!
ثم أقبل عليه السلام على الناس فقال :
أَيُّهَا النَّاسُ ، إِيَّاكُمْ وَتَعَلُّمَ النُّجُومِ ، إِلاَّ مَا يُهْتَدَى بِهِ فِي بَـرٍّ أَوْ بَحْرٍ ، فَإِنَّهَا تَدْعُو إِلَى الْكَهَانَةِ ، وَالْمُنَجِّمُ كَالْكَاهِنِ ، وَالْكَاهِنُ كَالسَّاحِرِ ، وَالسَّاحِرُ كَالْكَافِرِ ! وَالْكَافِرُ فِي النَّارِ ! سِيرُوا عَلَى اسْمِ اللّهِ .

الشّرْحُ :

حاق به الضرّ ، أي أحاط به ؛ قال تعالى : « وَلاَ يَحِيقُ الْمَكْرُ السّيّءُ إلاَّ بِأَهْلِهِ »۱ . ويوليك الحمد ، مضارع « أولاك » ؛ وأولاك معدّىً بالهمزة من « وَليَ » ، يقال : وليَ الشيء ولايةً وأوليته ذلك ؛ أي جعلته واليا ومتسلّطا عليه . والكاهن : واحد الكُهّان وهم الذين كانوا يخبرون عن الشياطين بكثير من الغائبات . إلاّ أن المعلومَ ضرورة من دين رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلمإبطال حكم النجوم وتحريم الاعتقاد بها والنهي والزجر عن تصديق المنجّمين ، وهذا معنى قول أمير المؤمنين في هذا الفصل : « فمن صدقك بهذا فقد كذّب القرآن ، واستغنى عن الاستعانة باللّه » . ثم أردف ذلك وأكّده بقوله : كان يجب أن يحمَد المنجم دون الباري تعالى ؛ لأنّ المنجم هو الذي هدى الإنسان إلى الساعة التي ينجح فيها ، وصدَّه عن الساعة التي يخفق ويُكْدِي فيها فهو المحسن إليه إذا ، والمحسن يستحقّ الحمد والشكر ، وليس للبارئ سبحانه إلى الإنسان في هذا الإحسان المخصوص ؛ فوجب ألاَّ يستحقّ الحمد على ظَفَر الإنسان بطلبه ؛ لكنّ القول بذلك والتزامه كفر محْضٌ .

1.سورة فاطر ۴۳.

  • نام منبع :
    تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج1
    المجلدات :
    2
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1426 ق / 1384 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 88636
الصفحه من 712
طباعه  ارسل الي