9
اسباب اختلاف الحديث

المقدّمة

الحمد للّه الواحد الأحد الصمد، الّذي نزّل أحسن الحديث كتابا متشابها جعله لكلّ شيء تبيانا وتفصيلاً .
والصلاة والسلام على سيّد رسله، الّذي كشف به البُهَم، وأضاء به الظُلَم، وخصّه بجوامع الكلم ، وعلى أهل بيته الّذين قرن طاعتهم بطاعته وطاعة رسوله صلى الله عليه و آله ، وحباهم جوامع العلم، وجعلهم اُولي الأمر، وأساس الدين، وعماد اليقين، وعِدل الكتاب الّذي لايأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، فكانوا موضع سرّه، ولجأ أمره، وعيبة علمه، وموئل حكمه، وكهوف كتبه، وجبال دينه، وأبواب مدينة علمه وحكمته . اللّهمّ صلّ عليه وعليهم أجمعين، واجعلنا من خيار مواليهم ، المخبتين إليهم بالتوحيد لك ، والإخلاص لوجهك الكريم ، بمحمّد وآله الأكرمين .
أمّا بعد ؛ فإنّ العقل الحصيف والنقل المنيف يحكمان بأنّ هُدى اللّه هو الهدى ، وأنّه الطريق الوحيد الّذي يسلك بنا سبل السلام ويوصلنا منازل الكمال وسعادة النشأتين .
ولا نعني بهدى اللّه تعالى إلاّ كتابه العزيز وسنّة رسوله الكريم صلى الله عليه و آله وأهل بيته المطهَّرين عليهم السلام ، الذين هم ترجمان وحيه، والعارفين بسنّته، وأبواب علمه وحكمته .
ثمّ إنَّ السنّة الشريفة ـ في جنب الكتاب العزيز ـ حجر الأساس في المعرفة الدينيّة ، ولا يتيسّر لكلّ مسلم استخراج متطلّباته المختلفة في مجال الفقه والتفسير والعقائد وغيرها من السنّة والأحاديث الحاكية عنها ؛ وذلك لأنّ الاستدلال بها والاستنباط منها


اسباب اختلاف الحديث
8

والتراجيح» ، لكن اختلاف الحديث عند الاُصوليين والذي يُسمّى ب «تعارض الحديث» غالباً ما يُعنى باختلاف الأحاديث الفقهيّة ، ويسعى إلى حلّ ما يكتنفها من تعارض ، بينما يُعنى المحدّثون باختلاف الحديث في كلّ فروعه وشعبه وشؤونه .
وانطلاقاً من الحاجة إلى التوصّل لقواعد وضوابط وأساليب كفيلة بحلّ الاختلاف والتعارض في الحديث ، فإنّ الخطوة الاُولى في هذا السبيل هي معرفة أسباب الاختلاف ؛ إذ يمكن التوصّل من خلالها إلى حلول مناسبة لحلّ ذلك الاختلاف . وبهذا يتّضح أنّ هذا البحث يشكّل القاعدة والأساس الذي يُشيّد عليه علم مختلف الحديث ، ويُعَدُّ أحد فروع علم فقه الحديث .
الكتاب الذي بين يديك أيها القارئ العزيز يمثّل محاولة لمعرفة أسباب اختلاف الحديث ، وقد تضمّن أربعة وثمانين سبباً ، تمّ تبويبها في خمسة أقسام رئيسيّة ، نعرضها على النحو التالي :
القسم الأول : عوارض التحديث .
القسم الثاني : مقتضيات محيط التشريع والتقنين.
القسم الثالث: مقتضيات أساليب البيان والتعبير.
القسم الرابع: دور الظروف ومقتضيات تحوّلها.
القسم الخامس: خصائص حقل التفسير.
ولا شكّ أنّ هذه الخطوة هي اُولى الخطوات الواسعة في هذا السبيل ولا يمكننا دعوى استقصاء جميع أسباب اختلاف الحديث وحصرها في الحالات المذكورة في هذا الكتاب ؛ إذ التّتبع والدّقة في الأحاديث قد يوصلنا إلى أسباب اُخرى للاختلاف .
وختاما لا يَسعنا إلاّ أن نعبّر عن جزيل شكرنا لجهود المحقّق الفاضل البارع سماحة حجّة الإسلام والمسلمين الشيخ محمّد إحساني فر ، الذي أقبل على دراسة هذا الموضوع بلهفة وولع، وكذلك سماحة حجّة الإسلام الشيخ حيدر المسجدي الذي تكفّل بمهمّة تنقيح نصّ الكتاب ، ونسأل اللّه تعالى دوام التوفيق لهما.
محمّد كاظم رحمان ستايش
معاونية التحقيق في مركز بحوث دارالحديث
ربيع الثاني 1427

  • نام منبع :
    اسباب اختلاف الحديث
    المساعدون :
    المسعودي، عبدالهادي؛ رحمان ستايش، محمد كاظم
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 219037
الصفحه من 728
طباعه  ارسل الي