الّذي تؤيّده هذه القرينة ، ممّا جعل اللفظ القرآني قابلاً للحمل على وجوه ومعانٍ عديدة ، وهذا أحد الأسباب لاختلاف المفسّرين في التفسير ۱ . وهو من أسرار بلاغة القرآن، ومن طرق جمعه المعاني الكثيرة في ألفاظ قليلة .
وإليك بعض أمثلته :
الأوّل : الأحاديث الكثيرة الواردة في تفسير قوله تعالى : «إِنَّنِي أَنَا اللّه لا إِلهَ إِلاّ أَنَا فَاعْبُدْنِي وَ أَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي »۲ ، حيث تفسِّرها بأنّه : «إذا فاتتك صلاة فذكرتها في وقت اُخرى فإن كنت تعلم أنّك إذا صلّيت التي فاتتك كنت من الاُخرى في وقت فابدأ بالتي فاتتك ؛ فإنّ اللّه عز و جليقول : « أَقِمِ الصَّلَوةَ لِذِكْرِى » وإن كنت تعلم أنّك إذا صلّيت التي فاتتك فاتتك التي بعدها فابدأ بالتي أنت في وقتها فصلِّها ، ثم أقم الاُخرى » ۳ ، وما روته العامّة عن النبيّ صلى الله عليه و آله : «من نسي صلاة فليصلّها إذا ذكرها، لا كفّارة لها غير ذلك ، وقرأ : « وَ أَقِمِ الصَّلَوةَ لِذِكْرِى » » ۴ .
توضيحه أنّ اللام في «لِذكري » ظاهرة ـ بقرينة السياق ـ في التعليل، وأنّ المعنى «وأقم الصلاة لأن تذكرني » أو «لأن أذكرك » ، وأمّا كون اللام للتوقيت وأنّ المعنى : «وأقم الصلاة واقضها في وقت ذكرتني وذكرت أنّها فاتتك ولم تصلّها بعدُ» فبعيد عن اُفق ظهور الآية وسياقها وكونها خطابا لموسى عليه السلام في بداية بعثته .
كما أنّ اعتبار اللام لمطلق التوقيت وأنّ المعنى «وأقم الصلاة لوقت ذكري فصلّها في ذلك الوقت الّذي ذكرت » ليشمل بإطلاقه الأداء والقضاء فلا يقلّ عن
1.لايخفى أنّ اختلاف المفسّرين غير منحصر في هذا الوجه ؛ بل السهو أو اختلال الطريقة وغيرهما أيضا من علل اختلافهم .
2.طه : ۱۴ .
3.منها صحيحة زرارة في الكافي: ج ۳ ص ۲۹۳ ح ۴، تهذيب الأحكام: ج۲ ص۲۶۸ ح۱۰۷۰ ، نور الثقلين: ج۳ ص۳۷۵ ح۵۰ .
4.صحيح البخاري : ج۱ ص۲۱۵ ح۵۷۲ ، وحكاه الطبرسي في مجمع البيان : ج۷ ص۱۱ ذيل الآية عن صحيح مسلم .