السبب السادس والستّون : استتباع وقائع متعاقبة لنزول آية واحدة
قد تختلف الأحاديث بأن يدلّ بعضها على أنّ سبب نزول آية أو طائفة من الآيات هو قضيّة خاصّة، مع دلالة بعضها الآخر على أنّ السبب هو قضيّة اُخرى ، وربما تتكثّر الأسباب . فيتوهّم تنافيها واختلافها في تعيين سبب نزول تلك الآية أو الآيات .
مع إمكان ـ بل لزوم ـ الجمع بين الأحاديث المذكورة بالحمل على أنّ لكلّ واحدة من القضايا المذكورة فيها مدخلية في نزولها، أو أنّ السبب هو وجود معضلة خاصّة اجتماعية، وكلّ واحدة من تلك القضايا تعدّ مظهرا لهذه المعضلة .
ومن شروط هذا الحمل وجود نوع من الاتّحاد بين تلك الوقائع المتعدّدة ، وتقارب أزمنة وقوعها ، حتّى تصحّ مدخلية كلّ واحدة منها في استتباع نزول الآية وسيتّضح من خلال عرض الأمثلة التالية :
المثال الأوّل : تبدّل حكم الأكل والنكاح في ليلة الصيام
۴۹۳.۱ . في تفسير القمّي عن الإمام الصادق عليه السلام قال :كان النكاح والأكل محرّمين في شهر رمضان بالليل بعد النوم ـ يعني كلّ من صلّى العشاء ونام ولم يفطر ثمّ انتبه حرم عليه الإفطار ـ وكان النكاح حراما في الليل والنهار في شهر رمضان ، وكان رجل من أصحاب رسول اللّه صلى الله عليه و آله يقال له: خوات بن جبير الأنصاري . . . وكان خوات بن جبير شيخا كبيرا ضعيفا ، وكان صائما مع رسول اللّه صلى الله عليه و آله في الخندق ، فجاء إلى أهله حين أمسى، فقال: عندكم طعام؟ فقالوا : لا تنم حتّى نصنع لك طعاما، فأبطأت أهله بالطعام، فنام قبل أن يفطر ، فلمّا انتبه قال لأهله : قد حرّم اللّه عليّ الأكل في هذه الليلة، فلما أصبح حضر حفر الخندق فاُغمي