467
اسباب اختلاف الحديث

بتمام حقيقة القرآن ، وبذلك صاروا أحدَ الثقلين وعِدلَ القرآن الّذي لايأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه .
أمّا الرسول الكريم صلى الله عليه و آله فالعقل يحكم باستحالة أن يزوي اللّه الحكيم عنه شيئا من ظواهر القرآن وبواطنه ، تنزيله وتأويله ؛ لكونه هو المقصود بإفهام ما نزّل إليه ، فكان صلى الله عليه و آله يُلَقَّى « الْقُرْآنَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ »۱ .
وأمّا أهل بيته عليه وعليهم السلام فلكونهم أوصياءَه وخلفاءه، واُولي الأمر الّذين قرن اللّه طاعتهم بطاعته، فخاطبهم بقوله عزّ من قائل : « إِنَّما يُرِيدُ اللّه لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا »۲ ، وبهذه العصمة الكبرى والتطهير البالغ خصّهم بجميع ما منح النبيّ صلى الله عليه و آله من العلم والفهم، فخُصّوا بعلم القرآن الكريم الّذي هو « نٍفِي كِتابٍ مَكْنُونٍ * لا يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ »۳ ، والأحاديث الدالّة على اختصاصهم بعلمه صلى الله عليه و آله وفهمه من طرق الفريقين مستفيضة جدّا . ۴

1.النمل : ۶ .

2.الأحزاب : ۳۳ .

3.الواقعة : ۷۸ و ۷۹ .

4.نحو ما ورد في تأويل الآية ۱۲ من سورة يس : « وَ كُلَّ شَىْ ءٍ أَحْصَيْنَـهُ فِى إِمَامٍ مُّبِينٍ » ، بعليّ عليه السلام ، منها ما رواه الصدوق بإسناده عن أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السلام في حديث عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله : «أنّه الإمام الّذي أحصى اللّه تبارك وتعالى ؛ فيه علم كلّ شيء» (الأمالي للصدوق : ص۲۲۵ ح۲۵۰ ) ، ومنها ما رواه والده عليّ بن بابويه الصدوق بإسناده عن النبيّ صلى الله عليه و آله : «من سرّه أن يحيا حياتي ، ويموت ميتتي ويدخل جنّة ربّي الّتي وعدني . . . فليتولّ عليّ بن أبي طالب عليه السلام والأوصياء من ذرّيّتي ، إنّهم الأئمّة من بعدي ، وهم عترتي ودمي ولحمي ، رزقهم اللّه علمي وفهمي . . » (الإمامة والتبصرة: ص۴۲ ح۲۳ ) ، وروى الصدوق أيضا عنه صلى الله عليه و آله : « خذوا بحجزة هذا الأنزع ـ يعني عليّا عليه السلام ـ فإنّه الصدّيق الأكبر ، وهو الفاروق ؛ يفرق بين الحقّ والباطل ، من أحبّه هداه اللّه ، ومن أبغضه أبغضه اللّه ، ومن تخلّف عنه محقه اللّه ، ومنه سبطا اُمّتي الحسن والحسين ، هما ابناي ، ومن الحسين أئمّة هداة ، أعطاهم اللّه علمي وفهمي ، فتولّوهم ، ولا تتّخذوا وليجة من دونهم ، فيحلّ عليكم غضب من ربّكم ، ومن يحلل عليه غضب من ربّه فقد هوى « وَمَا الْحَيَوةُ الدُّنْيَآ إِلاَّ مَتَـعُ الْغُرُورِ » » (الأمالي للصدوق: ص۱۸۰ ح۷ و ص۵۳۶ ح۸ ، وراجع أيضا : الكافي : ج۱ ص۶۰ ح۵ ، و ج۷ ص۴۴۲ ح۱۵ ، وبصائر الدرجات : ص۵۳ ح۲ بإسناد الصفّار عن أبان بن تغلب ومحمّد بن عليّ بن عمر بن عليّ بن أبي طالب عليه السلام ، وكامل الزيارات: ص۱۰ بسندٍ آخر نحوَه ، وبحار الأنوار: ج۲۳ ص۱۲۹ ح۶۰ ، و ج۳۶ ص۲۲۸ ح۷ و ص۲۵۸ ح۷۶ ، ج۹۲ ص۷۸ ح۱ ، و ج۹۶ ص۲۴۲ ح۵ ، و وسائل الشيعة : ج۲۷ ص۱۷۸ ح۳۳۵۳۵ و ص۱۷۹ ح۳۳۵۳۷ و ص۱۸۲ ح۳۳۵۵۰) .


اسباب اختلاف الحديث
466

توضيح ذلك أنّ الحديث التفسيري بصفة كونه حديثا يشمل كلّ ما يحكي عن شيء من شؤون المعصومين عليهم السلام وأحوالهم ، من قولٍ أو فعل أو تقرير ، أو نحو ذلك . وبقيد تعلّقه بالتفسير يشمل كلّ حديث يمكن أن يقع في طريق إيضاح معاني القرآن الكريم . فيدخل فيه :
ـ الحديث المفسّر؛ أي ما يكشف عن وجه من وجوه معاني الآيات .
ـ ما يتعلّق بشيء من شؤون نزولها ؛ كسبب النزول، ومورده، وترتيبه، وزمانه ومكانه ، وكيفيّاته .
ـ ما يتعلّق بفضلها وخواصّها ؛ فإنّ أحاديث الفضائل والخواصّ وإن لم تكن بما هي هي مفسّرة ، إلاّ أنّها من منافذ النظر والتأمّل في الآيات والسور للوصول إلى معانيهما ، وبما أنّها من مظانّ ذلك ، وأنّ بعض المفسِّرين قد يستنبط من بعض هذه الأحاديث ما يخفى على غيره ، فينبغي أن تُعامل هذه الطائفة من الأحاديث معاملة الأحاديث التفسيرية أيضا .
وممّا يجدر التنبيه عليه أنّ كلام الصحابة والتابعين إن حصل لنا الدليل على كونه إخبارا عن رأيه أو كونه حدسا منه برأي المعصومين فلا دليل على حجّيته ، وإن دلّ الدليل على كونه إخبارا حسّيّا منه عن شيء من شؤون المعصومين عليهم السلام انطبق عليه تعريف الحديث التفسيري ، وعليه فما يُروى عنهم من أنّ آية كذا أو سورة كذا قد نزلت في زمان كذا أو مكان كذا ، أو في سبب ومورد كذا ، أو بصفة كذا ، عُدّ من الأحاديث التفسيرية .

الثاني : مكانة أهل البيت عليهم السلام في التفسير

إنّ لـِ «أهل بيت الرسالة عليهم السلام » في علم التفسير لَمكانتَهم الأسمى الّتي تخصّ بهم، فلا يدانيهم فيها أحد ؛ فإنّ لهم وجوها من العلم بالكتاب العزيز وتفسيره وتأويله ، نشير إلى بعضها :
أ ـ العلم الحضوريّ بجميع أبعاد القرآن ، أي بحضوره الجمعي لدى ذواتهم المطهّرة. أو فقل : بتجلّي الكتاب المنير بجميع ما هو عليه في قلوبهم المطهّرة ، وبتحقّق ذواتهم المقدّسة

  • نام منبع :
    اسباب اختلاف الحديث
    المساعدون :
    المسعودي، عبدالهادي؛ رحمان ستايش، محمد كاظم
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 218982
الصفحه من 728
طباعه  ارسل الي