465
اسباب اختلاف الحديث

ـ كثرة مدخلية العلم بموارد وأسباب نزولها في فهم دقائق معانيها .
وعليه فمن لم يكن له معرفة بخصائص التفسير و لسان أحاديثه ومناهج أهل البيت عليهم السلام ـ بأن كان بعيدا عن هذه البيئة، ولم يتدرّب بتلك المناهج في التفسير، ولم يمارس القضايا المتعلّقة بالقرآن ـ يبقى حيران في «ظُلُماتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحابٌ ظُلُماتٌ بَعْضُها فَوْقَ بَعْضٍ إِذا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَراها وَ مَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللّه لَهُ نُورًا فَما لَهُ مِنْ نُورٍ»۱ . وأكتفي هنا بالإشارة إلى قضيّة معروفة اتّفقت لعبد اللّه بن سنان وذريح المحاربيّ . ۲
وقبل البحث عن أسباب الاختلاف نمهِّد اُمورا لها مدخليّة في فهم المباحث :
1 . تعريف الحديث التفسيري . 2 . مكانة أهل البيت عليهم السلام في التفسير . 3 . نبذة من مناهجهم عليهم السلام في التفسير . 3 . تصوير إجماليّ للبحث .

الأوّل : تعريف الحديث التفسيري

المراد من الأحاديث التفسيرية هو كلّ ما يتعلّق بشأن من شؤون الآي القرآني الكريم ؛ سواء كان متعلّقا بنزولها، أم بقراءتها أو بيان معانيها ، في ظاهرها أو باطنها ، تنزيلها أو تأويلها .

1.النور: ۴۰ .

2.وهي ما رواه الصدوق بإسناده عن عبد اللّه بن سنان، عن ذريح المحاربي ، قال : قلت لأبيعبد اللّه عليه السلام : إنّ اللّه أمرني في كتابه بأمر فاُحبّ أن أعلمه . قال : وما ذاك ؟ قلت : قول اللّه عز و جل : « ثُمَّ لْيَقْضُواْ تَفَثَهُمْ وَ لْيُوفُواْ نُذُورَهُمْ » قال : « لْيَقْضُواْ تَفَثَهُمْ » لقاء الإمام « وَ لْيُوفُواْ نُذُورَهُمْ » تلك المناسك . قال عبد اللّه بن سنان: فأتيت أبا عبد اللّه عليه السلام فقلت : جعلني اللّه فداك ، قول اللّه عز و جل : « ثُمَّ لْيَقْضُواْ تَفَثَهُمْ وَ لْيُوفُواْ نُذُورَهُمْ » قال : أخذ الشارب وقصّ الأظفار وما أشبه ذلك . قال : قلت : جعلت فداك ، فإنّ ذريح المحاربي حدّثني عنك أنّك قلت له : « ثُمَّ لْيَقْضُواْ تَفَثَهُمْ وَ لْيُوفُواْ » لقاء الإمام « وَ لْيُوفُواْ نُذُورَهُمْ » تلك المناسك ؟! فقال : صدق ذريح، وصدقت أنت، إنّ للقرآن ظاهرا وباطنا، ومن يحتمل ما يحتمل ذريح ! ! ( معاني الأخبار : ص۳۴۰ ح۱۰ ) . وسيأتي بيانه عقيب نقله مبحث التأويل أو التفسير بالبطون في أواخر الكتاب إن شاء اللّه .


اسباب اختلاف الحديث
464

تمهيد

التفسير من أهمّ ساحات اختلاف الحديث ، و ذلك أنّ الحديث المفسِّر بما هو حديث مشارِك لسائر الأحاديث في إمكان عروض جميع ما يعرضها من أسباب الاختلاف ، وبما هو مفسِّر تعرضه الأسباب الخاصّة بحقل القرآن والتفسير ؛ لأنّ بحر القرآن له خصائص لا تكاد توجد في غيره ، منها :
ـ اشتمال جميع آياته على تأويل وراء تنزيلها ، وبواطن وراءَ ظواهرها .
ـ اشتماله على لسان خاصّ إلى جانب لسانه العامّ ؛ لأنّ له دلالات معهودة لدى العرف ـ ودلالات غير معهودة له لا تكاد توجد لغيره ، ولا يعرف هذا اللسان ودلالاته ـ أو لايحيط بهما ـ إلاّ من خوطب به؛ وهو النبيّ الكريم صلى الله عليه و آله وأهل بيته الّذين هم بمنزلة نفسه الشريفة في فهمه وعلمه حسب ما تدلّ عليه الآيات الباهرة ۱ والأحاديث الواردة من طرق الفريقين . ۲

1.منها آل عمران : ۶۱ ، الأحزاب : ۳۳ ، الواقعة : ۷۵ ـ ۷۹ .

2.روى عليّ بن الحسين بن بابويه القمّي (والد الصدوق) بإسناده عن النبيّ صلى الله عليه و آله : «من سرّه أن يحيا حياتي ، ويموت ميتتي ويدخل جنّة ربّي الّتي وعدني . . . فليتولّ عليّ بن أبي طالب عليه السلام والأوصياء من ذرّيتي ، إنّهم الأئمّة من بعدي ، وهم عترتي ودمي ولحمي ، رزقهم اللّه علمي وفهمي . . . » (الإمامة والتبصرة: ص۴۲ ح۲۳ ) . ورواه الصدوق بإسناده عنه صلى الله عليه و آله : «خذوا بحجزة هذا الأنزع ـ يعني عليّاً عليه السلام ـ فإنّه الصدّيق الأكبر ، وهو الفاروق ؛ يفرق بين الحقّ والباطل ، من أحبّه هداه اللّه ، ومن أبغضه أبغضه اللّه ، ومن تخلّف عنه محقه اللّه ، ومنه سبطا اُمّتي الحسن والحسين ، هما ابناي ، ومن الحسين أئمّة هداة ، أعطاهم اللّه علمي وفهمي ، فتولّوهم، ولا تتّخذوا وليجة من دونهم ؛ فيحلّ عليكم غضب من ربّكم ، ومن يحلل عليه غضب من ربّه فقد هوى ، وما الحياة الدنيا إلاّ متاع الغرور » ( الأمالي للصدوق : ص۲۸۵ ح۳۱۶ و ص۷۷۱ ح۱۰۴۸ ، الإمامة والتبصرة : ص۱۱۱ ح۹۹ وراجع بصائر الدرجات : ص۵۳ ح۲ ، كامل الزيارات: ص۱۰ نحوه بسندٍ آخر . وبحار الأنوار: ج۲۳ ص۱۲۹ ح۶۰ ، و ج۳۶ ص۲۲۸ ح۷ وص۲۵۸ ح۷۶ ، و ج۹۶ ص۲۴۲ ح۵ ، وراجع في معناه : الكافي : ج۱ ص۶۰ ح۵ ، و ج۷ ص۴۴۲ ح۱۵ ، وبحار الأنوار: ج۹۲ ص۷۸ ح۱ ، ووسائل الشيعة : ج۲۷ ص۱۷۸ ح۳۳۵۳۵ و ص۱۷۹ ح۳۳۵۳۷ و ص۱۸۲ ح۳۵۵۰ ) .

  • نام منبع :
    اسباب اختلاف الحديث
    المساعدون :
    المسعودي، عبدالهادي؛ رحمان ستايش، محمد كاظم
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 218987
الصفحه من 728
طباعه  ارسل الي