449
اسباب اختلاف الحديث

ففي المثال المذكور آنفا يجمع بينهما ـ بعد الظفر بدليل يشهد على وجه الجمع ـ بحمل الدليل االثاني على حرمة السفر للحجّ الموجب لبعض المحاذير الشرعية الّتي هي أهمّ في نظر الشارع وغرضه من أصل السفر للحجّ الواجب ، مع كون المراد بالأوّل هو بيان الحكم الأوّليّ؛ أي وجوب السفر للحجّ بما هو هو، من دون ملاحظة الحالات العارضة الموجبة لتغيّر الحكم .
وحيث يفرض فيما نحن فيه إمكان الجمع بين الدليلين ، فيحمل أحد الدليلين على كونه ناظرا إلى عنوان ثانوي إثباتا أو ثبوتا .
فإذا تتبّع الباحث فظفر على دليل منفصل يجمع بينهما أو عثر على قرائن كانت خافية عليه ، فعلم سبب الاختلاف بينهما ، وتبيّن له أنّ العنوان الثاني ثانويّ؛ ناظر إلى حال طارئة للعنوان الأوّلي بحيث تصيِّره عنوانا ثانويّا متقيّدا بقيد غير ملحوظ لحكم العنوان الأوّلي ، ارتفع الاختلاف، وجمع بين المتنافيين ـ في ظاهرهما ـ في مقام الإثبات . وإن لم يعثر على ما يدل على ذلك وأنّ الاختلاف بينهما من نوع التنافي بين الحكمين الأوّليّ والثانوي ، مع احتمال كونهما كذلك ، جمع بينهما بذلك في مقام الثبوت وكعلاج ثبوتي . نعم لا يجوز التصديق والالتزام بهذا العلاج الثبوتي في مقام الإذعان والاعتقاد ، ولا الاستناد إليه في مقام العمل كما تقدّم في الأمر التاسع من المقدّمة . ۱

4 . التنويه على رؤوس مجموعة من العناوين الثانوية

العناوين الثانوية كثيرة جدّا ، ولا يهمّنا البحث عن جميعها ؛ لأنّه يؤول إلى التطويل ، فلنبحث عن نماذج منها لبيان الطريق المسلوك في تطبيق العناوين المذكورة ، مع الإشارة إلى رؤوس عناوين مجموعة منها ؛ فإنّ معرفة تلك العناوين والعلم باستلزامها التنافي

1.فتنحصر فائدة العلاج الثبوتي بعدم إنكار ما يحتمل صدوره من المعصومين عليهم السلام ، وفرض إرادته معنى صحيح من المتنافيين في نفس الأمر ، فيُرجع علمه إليهم عليهم السلام أو إلى من يمنّ اللّه تعالى عليه ، فيُعرِّفه وجه العلم بذلك ، فربّ حامل فقهٍ إلى من هو أفقه منه .


اسباب اختلاف الحديث
448

دليلين أحدهما يدلّ على وجوب السفر لزيارة الظالم للتذرّع به إلى إنقاذ نفس محترمة أو مال كذلك ، والآخر على حرمة السفر لإعانة الظالم أو لزيارته تكريما .
نعم لو كانت المطاردة والتنافي بين عنوانين ثانويّين في موضوع واحد جزئيّ في الخارج ، فهما وإن كانا متنافيين إلاّ أنّ موطن المطاردة والتنافي بينهما هو مقام الامتثال دون مقام التشريع والإبلاغ وبيان الأحكام ، فلا تكون المسألة من باب اختلاف الحديث ؛ لأنّ اختلاف الحديث يعالج اختلاف مدلول الحديثين ، لا تنافيهما في مقام الامتثال ، وأمّا علاج المطاردة في مقام الامتثال فهو بالرجوع إلى مرجّحات باب التزاحم، دون تعارض الأدلّة في الاُصول .
فلا تنافي يعقل بين دليلين يدلّ أحدهما على وجوب الحجّ، والآخر على حرمة إعانة الظالم ، واتّفق أنّ سفر زيد للحجّ يوجب إعانة ماليّة أو غيرها للظالم ، فيرجع حكمه إلى ما يعالج به تزاحم موارد التكليف ـ الثابت في الشرع ـ في مقام الامتثال والتنفيذ .

3 . صورة التنافي بين العناوين الأوّلية والثانوية

إذا كان أحد العنوانين أوّليّا والآخر ثانويّا ، فإن كان لسان دليليهما دالّ على كون أحدهما أوّليّا والآخر ثانويّا فلا تنافي بينهما ؛ لرجوعهما إلى حكمين لموضوعين مختلفين ، فلا تنافي بين دليلين أحدهما يدلّ على وجوب السفر للحجّ ، والآخر على حرمة السفر للحجّ الموجب لإعانة الظالم .
فينحصر مورد الاختلاف والتنافي بما إذا كان أحد العنوانين أوّليّا والآخر ثانويّا، مع دلالة ظاهر الدليلين على كونهما عنوانين متعدّدين ، كأن لم يدلّ الدليل المتكفّل لبيان حكم العنوان الثانويّ على كونه ناظرا إلى حالة طارئة على العنوان الأوّلي، موجبة لتقيّده بقيد غير موجود في الأوّليّ ، مع كونه كذلك واقعا ؛ كما في دليلين يدلّ أحدهما على وجوب السفر للحجّ ، والآخر على حرمة السفر للحجّ .
ففي مثل ذلك يحصل الاختلاف والتنافي المدلولي بين الدليلين، ويعالجان بما يعالج به المتعارضان، بالجمع بينهما مهما أمكن، أو ترجيح أحد الدليلين، أو التخيير بينهما تخييرا اُصوليّا.

  • نام منبع :
    اسباب اختلاف الحديث
    المساعدون :
    المسعودي، عبدالهادي؛ رحمان ستايش، محمد كاظم
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 219027
الصفحه من 728
طباعه  ارسل الي