447
اسباب اختلاف الحديث

فالتنافي والمطاردة بين العنوانين إنّما تحصل بسبب اتّحاد موضوع الحكمين في الخارج ، وبعبارة اُخرى: يقع التنافي بين دليلي العنوان الأوّلي والثانوي بسبب انطباق موضوع العنوان الأوّلي على مورد في الخارج يصدق عليه موضوع العنوان الثانوي أيضا . فإن كان موطن التنافي والمطاردة في مقام الامتثال ، رجع إلى مرجّحات باب التزاحم ، فيرجّح أحدهما بشيء من المرجّحات ، المذكورة هناك . وإن كان التنافي بين دليلين مع كون أحدهما ناظرا إلى صورة طروء حالة خاصّة ، فبعد ظهور وجه التنافي بينهما يجمع بينهما بحمل أحدهما على تلك الحالة وكونه ناظرا إلى العنوان الثانوي .
وهذا الأخير هو الّذي عقدنا له هذا البحث فإنّه من أسباب اختلاف الحديث .

2 . صور المطاردة بين العناوين

إذا فرض العنوانان المتنافيان أوّليين ، وكان للسان دليليهما دلالة على كونهما عنوانين أوّليّين ، أو استكشفنا تعدّدهما من سائر القرائن والشواهد المنفصلة أو المتّصلة الخافية ، فلا تنافيَ بينهما ، فإنّهما موضوعان لكلّ واحد منهما حكم يختصّ به . اللّهمّ إلاّ إذا فرض تعنون الموضوع الواحد في لسان الدليلين بعنوانين مختلفين ، واستكشِف اتّحادهما في مراد الشارع ، فبعد ظهور اتّحادهما لا يعقل الخلاف بينهما ، ومع عدم انكشاف وجهه يعالج الاختلاف بينهما بما ذكر في باب تعارض الأدلّة .
وعليه فلا تنافي بين دليلين أحدهما يدلّ على وجوب الحجّ والآخر على حرمة زيارة الظلَمة ، وإن كانا متوقّفين على السفر ، فلا يدّعى اختلافهما في حكم السفر . وكذا إذا كانا عنوانين ثانوييّن ؛ لعدم تعقّل التنافي بينهما بعد ظهور دليليهما في التعدّد؛ لرجوعهما إلى تعدّد الحكم بتعدّد الموضوع ، فإنّ العناوين الثانوية عبارة عن حالات طارئة على الموضوع تغاير الحالات المتعارفة للشيء العادية الّتي بلحاظها يتوجّه الحكم إليه ، ومن الواضح أنّ الحالات الطارئة لا تجتمع كي تحصل المطاردة بينها ، بل تتوالى الحالات المختلفة على الشيء ، فيصير الشيء في كلّ حال محكوما بحكم مخصوص بتلك الحال . فلا تنافي بين


اسباب اختلاف الحديث
446

الفصل الثاني : في العناوين الثانوية

تمهيد

الأحكام الصادرة من قبل الشرع تشريعا وفعليةً تابعة لتوفّر متعلّقاتها وموضوعاتها ؛ أي دائرة مدار وجود عناوين هذه الموضوعات والمتعلِّقات . وهذه العناوين تارة أوّلية واُخرى ثانوية ، والحكم المتعلّق بها يسمّى الحكم الأوّلي أو الثانوي .
فقد يقع التنافي الصوريّ الظاهري بين دليلين يتكفّل أحدهما بيان الحكم الأوّلي والآخر بيان الحكم الثانوي، بحسب الواقع ؛ لما يبدو من دلالتهما على حكمين متنافيين في موضوع واحد . ولأجل توضيح ذلك، ومعرفة حقيقة العناوين الأوّلية والثانوية وأحكامهما، وتبيين عدم التنافي الواقعي بينهما، وطريق العلاج في ذلك، لابدّ من تعريف هذه المصطلحات أوّلاً، ثمّ تصوير صور الاختلاف بين العناوين المتعدّدة، وصور التنافي بين العناوين الأوّلية والثانوية .

1 . تعريف العناوين الأوّلية والثانوية

المراد بالحكم الأوّلي : هو الحكم المجعول للشيء أوّلاً وبالذات ، بلا لحاظ ما يطرأ عليه من العوارض الّتي يتغيّر بها الحكم ، كما أنّ المراد بالحكم الواقعي الثانوي: هو ما يجعل للشيء من الحكم بلحاظ ما يطرأ عليها من عناوين خاصّة تقتضي تغيير حكمه الأوّلي . ۱

1.راجع الاُصول العامّة للفقه المقارن: ص۷۳ ، أنوار الفقاهة : ج۱ ص۵۴۱ ، المحكم في اُصول الفقه : ج۲ ص۳۷۵ ، اصطلاحات الاُصول : ص۱۲۴ .

  • نام منبع :
    اسباب اختلاف الحديث
    المساعدون :
    المسعودي، عبدالهادي؛ رحمان ستايش، محمد كاظم
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 215162
الصفحه من 728
طباعه  ارسل الي