333
اسباب اختلاف الحديث

قال الشارح البحراني قدس سره في شرحه لهذا الكتاب : «إنّما احتجّ عليهم بالإجماع والاختيار هنا على حسب اعتقاد القوم أنّه المعتبر في نصب الإمام . . . ولو ادّعى ذلك لم يُسلَّم له» ۱ .

المثال الثاني : إيمان أبي طالب عليه السلام

۳۳۴.۱ . في أمالي الطوسي بإسناده عن عبد الرحمن بن كثير، عن جعفر بن محمّد عليه السلام ، عن أبيه، عن جدّه عليّ بن الحسين عليهم السلام، قال : لمّا أجمع الحسن بن علي عليهماالسلامعلى صلح معاوية خرج حتّى لقيه، فلمّا اجتمعا قام معاوية خطيبا فصعد المنبر، وأمر الحسن عليه السلام أن يقوم أسفل منه بدرجة، ثم تكلّم معاوية فقال : أيّها الناس هذا الحسن بن عليّ وابن فاطمة رآنا للخلافة أهلاً ولم يرَ نفسه لها أهلاً، وقد أتانا ليبايع طوعا . ثمّ قال : قم يا حسن. فقام الحسن عليه السلام فخطب، فقال : الحمد للّه المستحمد بالآلاء، وتتابع النعماء . . . أيّها الناس، إنّكم لو التمستم بين المشرق والمغرب رجلاً جدّه رسول اللّه صلى الله عليه و آله وأبوه وصيّ رسول اللّه لم تجدوا غيري وغير أخي ، فاتّقوا اللّه ولا تضلّوا بعد البيان، وكيف بكم وأنّى ذلك منكم، ألا إنّي قد بايعت هذا ـ وأشار بيده إلى معاوية ـ « وَ إِنْ أَدْرِى لَعَلَهُ فِتْنَةٌ لَّكُمْ وَ مَتَـعٌ إِلَى حِينٍ »۲ ؛ أيّها الناس، إنه لا يعاب أحد بترك حقّه وإنّما يعاب أن يأخذ ما ليس له، وكلّ صواب نافع، وكلّ خطإ ضارّ لأهله، وقد كانت القضيّة ففهّمها سليمان، فنفعت سليمان ولم تضرّ داوود عليه السلام ، فأمّا القرابة فقد نفعت المشرك، وهي واللّه للمؤمن أنفع؛ قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله لعمّه أبيطالب وهو في الموت: «قل : لا إله إلاّ اللّه ، أشفع لك بها يوم القيامة» . . . ۳

2 . الكليني بإسناده عن إسحاق بن جعفر ، عن أبيه عليه السلام ، قال: قيل له: إنّهم يزعمون أنّ أبا طالب كان كافرا ، فقال: كذبوا، كيف يكون كافرا وهو يقول :

ألم تعلموا أنّا وجدنا محمّدانبيّا كموسى خُطّ في أوّلِ الكُتبِ!

1.شرح نهج البلاغة لابن ميثم البحراني: ج۴ ص۳۵۴ .

2.الأنبياء : ۱۱۱ .

3.الأمالي للطوسي : ص۵۶۱ ـ ۵۶۷ ح۱۱۷۴ ، بحار الأنوار: ج۱۰ ص۱۳۸ ـ ۱۴۴ ح۵ .


اسباب اختلاف الحديث
332

يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ » 1 ... إلى آخر الحديث بطوله ولطف بيانه . 2

مورد الاختلاف:

الحديث الثاني ـ بصريح دلالته وتواتر مضمونه إجمالاً وموافقته لكثير من آي القرآن الكريم ـ لا يدع أيّ مجال للريب في أنَّ أهل البيت عليهم السلام لايجوِّزون إمامة أحد إلاّ الّذين فرض اللّه إمامتهم وولايتهم في يوم غدير خمّ وقبله وبعده ؛ وإجماع الاُمّة واتّفاقهم أو اتّفاق أهل الحلّ والعقد منهم ـ على فرض تحقّقه ـ لا يكون له أيّ اعتبار ومشروعيّة في قبال أمر اللّه تعالى . ومن له أدنى إلمام ومعرفة بمدرسة أهل البيت عليهم السلام يعرف ذلك بيقين لايخالجه شكّ .
مع أنَّ ظاهر الحديث الأوّل يدلّ على مشروعية إمامة من بايعه المهاجرون والأنصار بإجماعهم ، فلا يجوز ردّه ، بل يدلّ على أنّ من بويع بنحو ما بويع به أبو بكر وعمرو عثمان فلا يجوز للشاهد أن يختار ولا للغائب أن يردّ ، وهذا الحكم مضافا إلى مخالفته لما تقدّم من الآيات منافٍ للصحاح والمتواترات من أحاديث أهل البيت عليهم السلام وبديهة مدرستهم .

علاج الاختلاف :

علاجه بحمل الحديث الأوّل على إجرائه مجرى قانون الجدل والاستدلال بمسلّمات الخصم لا بالبرهان وما يرتضيه ويعتقد به الطرفان ، فإنَّ معاوية بن أبي سفيان لم يكن مذعِنا بوصايته عليه السلام ونصبِه خليفة وإماما عند النزاع ، بل كان يكابر وينكر وكان من الّذين « جَحَدُواْ بِهَا وَ اسْتَيْقَنَتْهَآ أَنفُسُهُمْ ظُـلْمًا وَ عُلُوًّا »۳ مع كونه مذعنا بخلافة الخلفاء الثلاثة ؛ فاحتجّ عليه بما يدحض حجّته، ويقطع لسانه، ويفحم وجهه، ويحسم عذره .

1.الأحزاب: ۳۶ .

2.راجع الكافي: ج۱ ص۱۹۸ ـ ۲۰۳ ح۱ ، كمال الدين وتمام النعمة: ص۶۷۵ ح۳۱ ، معاني الأخبار: ص۹۶ ح۲ ، عيون الأخبار : ج۱ ص۲۱۶ ح۱۲۰۱ ، الأمالي للصدوق: ص۷۷۳ ح۱۰۴۹ ، تحف العقول: ص۴۳۶ .

3.النمل: ۱۴ .

  • نام منبع :
    اسباب اختلاف الحديث
    المساعدون :
    المسعودي، عبدالهادي؛ رحمان ستايش، محمد كاظم
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 219046
الصفحه من 728
طباعه  ارسل الي