31
اسباب اختلاف الحديث

قد أحسن فيه من وجه ، فقد أساء في أشياء منه؛ قصُر باعه فيها، وأتى بما غيره أولى وأقوى » ۱ .
أقول : يرد عليه ـ مضافا إلى ذلك ـ اُمور ، منها : أنّه قد خلط في كتابه بين مختلف الحديث وغيره من العلوم المتعلّقة بالحديث ، فبحث عن الحديث المخالف للقرآن، أو العقل، أو العيان والوجدان، أو الإجماع، أو القياس والاستحسان، وهكذا ، مع أنّها مندرجة تحت غيره من علوم الحديث . نعم يمكن الذبّ عنه بأنّ منشأ مثل هذه الاشكالات هو عدم تنقيح هذه العلوم آنذاك، لأنّ كتابه من الكتب القديمة في هذا الفنّ .
ج ـ أبو يحيى زكريا بن يحيى الساجي (المتوفّى 307 ه ) ۲ . قال الزركلي «... الساجي، أبو يحيى محدّث البصرة في عصره، كان من الحفّاظ الثقات، له كتاب جليل في علل الحديث يدلّ على تبحّره؛ ومن كتبه: اختلاف الفقهاء» ۳ .
د ـ أبو جعفر بن محمّد بن جرير الطبري (المتوفّى 310 ه ) وكتابه تهذيب الآثار قال محمود شاكر (محقّق الكتاب) : « ألّفه أبو جعفر الطبري على ترتيب المسانيد ، وهو أجزاء نجا من الضياع منها ثلاثة أسفار : سفر فيه قسم من مسند عمر بن الخطاب وسفر فيه الجزء الأخير من مسند عليّ بن أبي طالب، وسفر فيه قسم من مسند عبد اللّه بن عباس رضي اللّه عنهم » ۴ .
ه ـ أبو جعفر أحمد بن محمّد بن سلامة الطحاوي (المتوفّى 321 ه ) ، وله كتابان، هما : شرح معاني الآثار ، ومشكل الآثار . وقد اكتفى في كتابه شرح معاني الآثار بعلاج المشكلات والاختلافات الموجودة في الأحاديث الفقهية، وهو مرتّب على أبواب الفقه . وأمّا مشكل الآثار ـ الّذي هو آخر ما ألّفه الطحاوي في حياته ـ فلم يتّبع ترتيبا خاصّا، ولا نظما محسوسا ، ولا موضوعا مفردا ، بل بحث عن كلّ ما وجده من الإشكالات والاختلافات في

1.علوم الحديث لابن الصلاح : ص۲۸۵ .

2.نهاية الدراية : ص ۲۸ .

3.الأعلام لخير الدين الزركلي : ج ۳ ص ۴۷.

4.مقدّمة المحقّق لمسند عليّ بن أبيطالب في تهذيب الآثار : ص۶ .


اسباب اختلاف الحديث
30

2 . من أهل السنّة

أ ـ محمّد بن إدريس الشافعي ( المتوفّى 204 هـ ) ، وكتابه اختلاف الحديث، وهو أوّل من ألّف في هذا الموضوع من علماء العامّة على حسب اطّلاعنا، وحجم كتابه لا يبلغ خُمس كتاب الاستبصار لشيخنا الطوسي . قال النووي : « وصنّف فيه اختلاف الحديث الإمام الشافعي ، ولم يقصد استيفاءه، بل ذكر جملة ينبّه بها على طريقه » ۱ .
أقول : الملاحظ على هذا الكتاب هو تركيز الشافعي واهتمامه بالمسائل الفقهية فحسب ، فلم يتعرّض للأحاديث المختلفة في العقائد وغيرها .
تنبيه : اشتهر بين أهل السنّة أنّ الشافعي أوّل من صنّف في الموضوع ، لكنّك إذا لاحظت تأريخ حياته وتأريخ تأليف كتاب يونس بن عبدالرحمن ظهر لك عدم اطّلاعهم على واقع الحال ؛ فإنّ تأليف كتاب يونس كان في أواسط إمامة الإمام الكاظم عليه السلام ـ المستشهد سنة 189 بعد حبس دام سبع سنين تقريبا، وبما أنّ الكتاب مشتمل على مسائله للإمام عليه السلام فلا بدّ أن يكون تأليفه قبل حبس الإمام عليه السلام . والحال أنّ الشافعي ـ الذي كان يعيش بين 150 إلى 204 ـ قد صنّف كتابه بعد ما بلغ مكانته في الفقه والحديث وذلك في آخر أمره ، لاسيمّا أنّه لم يكن في أوائل عمره مشتغلاً بالفقه ، بل كان اهتمامه بالرمي، فصار حاذق هذا الفنّ، ثم اشتغل بالشعر واللغة وأيّام العرب ، ثمّ أقبل على الفقه والحديث . ۲
ب ـ عبد اللّه بن مسلم بن قتيبة الدينوري أبو محمّد (المتوفّى 276 ه ) . ألّف كتابه تأويل مختلف الحديث ردّا على الناقمين من الحديث، المنتقصين منه بسبب كثرة الاختلاف والتناقض ، وقد يتعرّض فيه لعلاج مختلف الحديث وحلّه في أبواب الفقه والعقائد والتأريخ والتفسير وغيرها، ويقارب حجم كتابه كتاب الشافعي .
قال فيه ابن الصلاح : « وكتاب مختلف الحديث لابن قتيبة في هذا المعنى ، وإن يكن

1.تقريب المعارف: ج۲ ص۱۹۶ .

2.راجع مختلف الحديث بين الفقهاء والمحدّثين: ص ۵۷ .

  • نام منبع :
    اسباب اختلاف الحديث
    المساعدون :
    المسعودي، عبدالهادي؛ رحمان ستايش، محمد كاظم
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 216417
الصفحه من 728
طباعه  ارسل الي