السبب الرابع والثلاثون : التعبير عن الشيء بالعناوين المشيرة إليه
قد يعبّر عن المجعول الشرعي بنفس عنوانه الأصلي ، وقد يعبَّر عنه بعنوان يشير إليه ؛ لاتّحاد هذه العناوين المشيرة مع عناوين المجعولات الشرعية وانطباقها عليها في الخارج، إمّا دائما وإمّا في زمان أو مكان الخطاب .
والسرّ في التعبير بالعناوين المشيرة هو التسهيل على المخاطب في مقام تفهيمه بالحكم وتعريفه بالموضوع ، وذلك فإنّ من سيرة المعصومين عليهم السلام تكليم الناس بلسانهم ، وعلى قدر عقولهم ليعرفوا الأحكام وموضوعاتها بسهولة .
فمن طبيعة هذا التوسّع والتسهيل في بيان الموضوعات والأحكام ، ظهور الاختلاف بين بعض الأحاديث المشتملة على العناوين الأصلية والمشتملة على عناوين مشيرة ، بل قد تتعدّد العناوين المُشيرة ، فيحصل اختلاف بين نفس الروايات المشتملة على عناوين مشيرة .
ويكون التعبير عن العنوان المجعول الأصلي بغير عنوانه باستخدام عنوان يساوي عنوان الأصل ويُشير إليه تارة، وبتسامح عرفي في التعبير ـ فيعبَّر عنه بما يقاربه في الماهية أو المقادير ـ اُخرى .
والمقصود في هذا البحث هو الأوّل ، وأمّا الثاني فقد جعلناه سببا مستقلاًّ وسنبحثه بعد هذا البحث ، إن شاء اللّه .
ولا يخفى أنّ المعصومين عليهم السلام لم يكتفوا يكتفون بذكر العناوين المشيرة ، بل كانوا يرون من اللازم عليهم بيان نفس الموضوعات بوجه محدّد ، لئلا ينجرّ التوسّع في التعبير إلى إبهام الشريعة والإغراء بالجهالة والضلال ، الأمر الّذي ينافي شأنَ إمامتهم والغرضَ من اصطفائهم