257
اسباب اختلاف الحديث

وقد استعمل النسخ في الأخبار في الأعمّ من النسخ المصطلح ۱ ومن التخصيص والتقييد والبداء ؛ ولهذا نلاحظ اهتمام الأحاديث به أكثر ممّا له من الدور والخطورة في تفسير الكتاب وعلوم الشريعة ؛ لأنّ وقوع النسخ في الكتاب والسنّة بذاك المعنى وإن كان كثيرا جدّا ، إلاّ أنّ وقوعه في السنّة بمعناه المصطلح في الاُصول نادر جدّا .
قال السيّد الخوئي: «قد كثر استعماله في هذا المعنى ـ يعني اللّغوي ـ في ألسنة الصحابة والتابعين، فكانوا يطلقون على المخصّص والمقيّد لفظ الناسخ» ۲ . ۳

المثال الأوّل : النياحة عند المصائب

۲۴۶.۱ . الصدوق بإسناده عن الحسين بن يزيد، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن آبائه عليهم السلام، عن أمير المؤمنين عليه السلام ، قال : نهى رسول اللّه صلى الله عليه و آله عن . . . ونهى عن الرنّة عند المصيبة، ونهى عن النياحة والاستماع إليها ، . . . ونهى عن تصفيق الوجه . ۴

۲۴۷.۲ . الصدوق :من ألفاظ رسول اللّه صلى الله عليه و آله الموجزة الّتي لم يُسبَق إليها : النياحة من عمل الجاهلية . ۵

1.كما استعمل في القرآن الكريم فيما يشمل معنييه الاصطلاحي واللغوي .

2.البيان في تفسير القرآن : ص۲۷۵ .

3.من موارد استعمال النسخ في معناه الأعمّ ما في تفسير العيّاشي ، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام ـ في قوله : « مَا نَنسَخْ مِنْ ءَايَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَآ أَوْ مِثْلِهَآ » ـ قال : «الناسخ: ما حوّل ، وما ينسيها: مثل الغيب الّذي لم يكن بعد ، كقوله : « يَمْحُواْ اللَّهُ مَا يَشَآءُ وَ يُثْبِتُ وَ عِندَهُ أُمُّ الْكِتَـبِ » قال: فيفعل اللّه ما يشاء ويحوّل ما يشاء، مثل قوم يونس إذا بدا له فرحمهم ، ومثل قوله : « فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَمَآ أَنتَ بِمَلُومٍ » قال : أدركتهم رحمته» (تفسير العيّاشي : ج۱ ص۵۵ ح۷۷ ) . وفي تفسير النعماني عن أمير المؤمنين عليه السلام : «ونسخ قولَه تعالى : « وَ مَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَ الاْءِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ » قولُه عز و جل : « وَ لاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ * إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ وَ لِذَ لِكَ خَلَقَهُمْ... » أي للرحمة خلقهم ...» الحديث (بحار الأنوار : ج۹۳ ص۱۰ وراجع الميزان في تفسير القرآن : ج۱ ص۲۵۴ مع بيان له في في ذيل الحديث ) . فاستعمل النسخ في هذا الحديث في أيّ تصرّف في مدلول دليلٍ بدليل آخر .

4.كتاب من لايحضره الفقيه : ج۴ ص۳ ، وسائل الشيعة: ج۱۷ ص۱۲۸ ح۲۲۱۶۶ .

5.كتاب من لايحضره الفقيه: ج۴ ص۲۷۱ ح۸۲۸ ، وسائل الشيعة: ج۳ ص۲۷۲ ح۳۶۲۶ .


اسباب اختلاف الحديث
256

السبب الحادي والثلاثون : النسخ في الأحاديث

من جملة ما ربما يوجب الاختلاف بين الأحاديث «النسخ» ، لأنّه يمكن أن يرد حديث مشتمل على حكم قد نسخ بعده ببيان آخر من النبيّ صلى الله عليه و آله فيختلف الحديثان في ظاهرهما ، مع إمكان الجمع بينهما بالحمل على النسخ .
و «النسخ» في اللغة : الإزالة ؛ يقال : نسخت الشمسُ الظلَّ»، ونسخت الريحُ آثارَهم . وأيضا: النقل ، كما يقال : نسختُ الكتاب . ۱
وفي اصطلاح الاُصوليين : رفع أمر ثابت في الشريعة المقدّسة بارتفاع أمده وزمانه ، سواء أكان ذلك الأمر المرتفع من الأحكام التكليفية أو الوضعيّة . ۲
وبعبارة اُخرى : النسخ «رفع حكم ثابت في الشرع ـ كان يقتضي الدوام حسب ظاهره ـ بحكم متأخّر كاشف عن انتهاء أمده وزمانه ، مع كون التنافي بينهما كليّا غير قابل للجمع ، بحسب الكمّ . ۳
فرفع الحكم عن بعض أفراد الموضوع العامّ أو المطلق لا يسمّى نسخا ، كما أنّ انتهاء زمان الموضوع أو الحكم الّذي كان أمده محدودا معينا ـ في مقام الإثبات ـ من أوّل الأمر لايكون نسخا . وكذا رفع ـ أو ظهور ارتفاع ـ الأمرِ الثابت في التكوين ، أيضا لايعدّ نسخا في الاصطلاح كما سيأتي في مبحث «البداء» إن شاء اللّه .

1.راجع الصحاح : ج۱ ص۴۳۳ والمصباح المنير : ص۶۰۳ و العدّة في اُصول الفقه : ج۲ ص۴۸۵ .

2.البيان في تفسير القرآن: ص۲۷۶ ، المحاضرات في اُصول الفقه : ج۵ ص۳۲۸ نحوه .

3.راجع التمهيد في علوم القرآن : ج۲ ص۲۷۰ ، الاُصول العامّة للفقه المقارن: ص۲۳۵ .

  • نام منبع :
    اسباب اختلاف الحديث
    المساعدون :
    المسعودي، عبدالهادي؛ رحمان ستايش، محمد كاظم
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 218979
الصفحه من 728
طباعه  ارسل الي