251
اسباب اختلاف الحديث

السبب الثلاثون : التدرّج في بيان الشريعة

بيّنّا في البحث السابق جري التشريع الإسلامي على التدرّج في مرحلتي النزول والإبلاغ .
وبقي الكلام عن كون هذا التشريع الرفيع جاريا على نفس التدرّج في مرحلة التبيين والتحليل وبيان التفاصيل .
توضيح ذلك : أنّ اللّه سبحانه قد تكفّل لنبيّه صلى الله عليه و آله ـ من القرآن الكريم ـ : « جَمْعَهُو وَ قُرْءَانَهُ »۱ يعني قراءته عليه ، كما تكفّل له صلى الله عليه و آله « بَيَانَهُ » ؛ يعني تفسيره وتأويله بجميع ما له من ظواهر المعاني وبواطنها . فلمّا بيّن الباري للنبي صلى الله عليه و آله جميع معاني القرآن ظواهرها وبواطنها ، وجّه إليه مسؤولية إبلاغه ثمّ تبيينه ۲ بوجوهه وتفاصيله . فأبلغ وبلّغ صلى الله عليه و آله رسالته وأدّى مسؤوليّته بأفضل وجه ممكن .
لكن لمّا كان للقرآن وراء لفظه العربيّ المبين من العلوم العظيمة، والمعارف العميقة ، والمآثر المستأثرة، والعظمة المتأثّرة بتجلّي ربّ الجلال والإكرام، ۳ ما لم يجد لأحد من الصحابة أهلية حمله ، بيّن لهم على قدر عقولهم، وحسب ما كان يسمحه المجال في تلك المدّة القصيرة والظروف المشحونة بالمشاكل والأسفار والحروب .

1.القيامة : ۱۷ ـ ۱۹ ، وهي : « إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَ قُرْءَانَهُ ... ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ » .

2.حيث قال عزّ من قائل : « وَ أَنزَلْنَآ إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ » (النحل : ۴۴ ) . « وَ مَآ أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَـبَ إِلاَّ لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِى اخْتَلَفُواْ فِيهِ وَ هُدًى وَ رَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ » (النحل : ۶۴ ) .

3.أشار اللّه سبحانه إلى هذه الصفات بقوله : « لَوْ أَنزَلْنَا هَـذَا الْقُرْءَانَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَـشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَ تِلْكَ الْأَمْثَـلُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ » (الحشر : ۲۱ ) .


اسباب اختلاف الحديث
250

۲۴۱.۲ . روى أبو داوود بإسناده عن عمرو ، وابنُ حنبل بإسناده عن أبي ميسرة جميعا عن عمر بن الخطاب ـ واللفظ للأخير ، قالا ـ :لمّا نزل تحريم الخمر قال عمر : اللّهم بيِّن لنا في الخمر بيانا شافيا، فنزلت هذه الآية التي في البقرة: « يَسْـئلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَآ إِثْمٌ كَبِيرٌ »۱ الآية . قال : فدُعيَ عمر، فقرئت عليه، فقال : اللّهم بيِّن لنا في الخمر بيانا شافيا ، فنزلت الآية التي في النساء: « يَـأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلَوةَ وَأَنتُمْ سُكَـرَى » فكان منادي رسول اللّه صلى الله عليه و آله إذا أقام الصلاة نادى أن لا يقربنّ الصلاةَ سكران ، فدعيَ عمر، فقرئت عليه، فقال : اللّهم بيِّن لنا في الخمر بيانا شافيا، فنزلت هذه الآية التى في المائدة، فدُعي عمر فقرئت عليه، فلما بلغ : « فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ »۲ ـ قال ـ : فقال عمر : انتهينا ، انتهينا . ۳

وهي من القضايا المشهورة في روايات الفريقين .

1.البقرة : ۲۱۹ .

2.المائدة : ۹۱ .

3.مسند ابن حنبل: ج۱ ص۱۱۸ ح۳۷۸ ، سنن أبي داوود: ج۲ ص۱۸۲ ح۳۶۷۰ .

  • نام منبع :
    اسباب اختلاف الحديث
    المساعدون :
    المسعودي، عبدالهادي؛ رحمان ستايش، محمد كاظم
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 219040
الصفحه من 728
طباعه  ارسل الي