223
اسباب اختلاف الحديث

على المأمور به في المقام ، كالمضي في الصلاة مثلاً ، كما لاتنطبق عليه خواصّ الوجوب الطريقي .
والحاصل : عدم صحّة القول بكون الأمر بالمضيّ في قاعدة التجاوز على نحو الأمر الطريقي ولا على نحو الأمر الشرعيّ المتّصف بالعزيمة أو الرخصة، والصحيح أن يقال : إنّ أدلّة القاعدة تتعبّدنا بالحكم بتحقّق المشكوك فيه ـ في محلّ التجاوز ـ تنزيلاً ، فيصير العود عليه فيه زيادة عمديّة ، فكلما اشتملت الزيادة على محذور لم يجز العود عليه ، وتكون النتيجة فيه العزيمة ، وإلاّ جاز ، وتكون النتيجة فيه مساوقة للرخصة .


اسباب اختلاف الحديث
222

لا يقال : الأمر الإرشادي مقصور على ما كان المكلّف بنفسه مستطيعا للعلم به والتفطّن له ، حتى لو لم يكن أمر من الشارع ؛ كالإرشاد إلى حكم العقل أو إلى الأمر المركوز في أذهان العقلاء وارتكازاتهم .
لما يقال : الإرشاد غير مقصور على ما كان إرشادا إلى حكم العقل محضا أو ما يرجع إليه ، كما في الإرشاد إلى الجزئية أو المانعية والرافعية ونحوها ، فإنّ المرشَد إليه في ذلك هو المجعول الشرعي ، فبعد علم المكلّف بمانعية الاستدبار مثلاً يعلم بنفسه لزوم إعادة أنّ في الصلاة الّتي استدبر فيها القبلة ، فالحكم بالإعادة لايحتاج إلى جعل شرعي آخر سوى أصلِ تشريع الوجوب للصلاة وأصل اعتبار المانعية للاستدبار . ۱
وعليه فبعد علم المكلّف بتنزيل الشارع الفعل المشكوك المتجاوز عنه منزلة المتحقّق الوجود ، يعلم بعدم لزوم إعادة المشكوك فيه .
إذا فالأمر بالمضيّ أو النهي عن الإتيان بالمشكوك فيه إرشاد إلى التنزيل والتعبّد بتحقّق المشكوك فيه من قِبَل الشارع ، من غير أن يكون هناك جعل شرعي آخر يفيد البعث والمضيّ نحو الفعل المشكوك أو النهي والزجر عن الإتيان به ؛ للزوم اللغوية فيما لا تمسّ الحاجة إلى تشريع آخر ، فإنّه لا يعقل كون المجعول الشرعي الآخرَ واجبا نفسيّا بقرينة مناسبة الحكم والموضوع . وإن فرض كونه واجبا غيريّا ، فهو فرع وجود وجوب آخر نفسيٍّ ، وليس في المقام؛ لما تقدّم من كونه وضعيّا لا تكليفيّا كي يتّصف بصفة الوجوب، فيسري الوجوب منه إلى غيره .
إن قلت : الوجوب غير منحصر بالنفسي والغيري ، بل هناك قسم ثالث وهو الوجوب الطريقي فليكن المجعول الشرعي فيما نحن فيه من هذا القسم .
قلت : إنّما يجعل الوجوب الطريقي للتطرّق به للقيام بأمر آخر في ظرف وجوبه ، والحال عدم تعقّل واجب آخر هنا ليكون الأمر بالمضيّ طريقا إلى الإتيان به في ظرفه . وعليه فلا تنطبق مواصفاتُ الأوامر التكليفية ـ الّتي يندرج فيها الأمر الطريقي الشرعي ـ

1.راجع في معنى الإرشاد : السبب الرابع والعشرون : الاختلاف بالإرشاد والمولويّة .

  • نام منبع :
    اسباب اختلاف الحديث
    المساعدون :
    المسعودي، عبدالهادي؛ رحمان ستايش، محمد كاظم
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 216553
الصفحه من 728
طباعه  ارسل الي