201
اسباب اختلاف الحديث

دليل منفصل على عدم وجوب أو حرمة ذاك الفعل ، فيحصل التنافي بين هذين الدليلين الدالّ أحدهما على الإلزام والآخر على الترخيص .
تنبيه: قد ترد مفاد صيغة الأمر أو النهي بلفظ الماضي أو المضارع أو الجملة الاسمية، كما يرد الترخيص بالترك أيضا كذلك، فالملاك هو ورود الأمر والترخيص بأيّ لفظ كان، حتّى لو كان بالسنّة غير القولية ، فتنبّه .
إذا تقرّر ذلك فلنذكر أمثلة لذلك :

المثال الأوّل : تلاوة القرآن مع الوضوء وبغيره

۱۸۵.۱ . روى الحميري عن محمّد بن عبد الحميد، عن محمّد بن الفضيل، عن أبي الحسن عليه السلام ، قال:سألته: أقرأ المصحف ثم يأخذني البول، فأقوم فأبول وأستنجي وأغسل يدي وأعود إلى المصحف، فأقرأ فيه ؟ قال : لا، حتّى تتوضّأ للصلاة . ۱

۱۸۶.۲ . روى الشيخ الطوسي بإسناده عن حريز ، عمن أخبره ، عن أبي عبد اللّه عليهم السلام، قال : كان إسماعيل بن أبي عبد اللّه عنده فقال: يا بني ، إقرأ المصحف . فقال: إنّي لست على وضوء . فقال: لا تمسّ الكتاب ومسّ الورق واقرأه . ۲

مورد الاختلاف :

دلالة الحديث الأوّل على وجوب الوضوء عند تلاوة القرآن الكريم ، لأنّ المضارع أدلّ على الوجوب من صيغة الأمر، ولا أقلّ من مساواته له . مع دلالة الحديث الثاني على عدم وجوبه.

1.قرب الإسناد : ص۳۹۵ ح۱۳۸۶ ، وسائل الشيعة: ج۶ ص۱۹۶ ح۷۷۱۶ .

2.تهذيب الأحكام : ج۱ ص۱۲۶ ح۳۴۱ ، الاستبصار : ج۱ ص۱۱۳ ح۳۷۶ ، وسائل الشيعة : ج۱ ص۳۸۳ ح۱۰۱۳ .


اسباب اختلاف الحديث
200

السبب الثاني والعشرون : الترخيص في التكليف

ويمكن التعبير عنه أيضا بـ «مقتضى الندب أو الكراهة» .
إنّ التكليف بالفعل أو الترك إمّا إلزامي أو مرخَّص فيه ، فالإلزامي ـ الّذي يعبّر عنه بالوجوب أو الحرمة ـ لارخصة في ترك امتثاله ، بخلاف غير الإلزامي ـ المعبَّر عنه بالاستحباب أو الكراهة ـ فإنّه مرخَّص في ترك امتثاله .
وبعبارة اُخرى: الوجوب: هو الحكم الإلزامي الّذي لم يرخِّص الشارع في تركه ، فلا يجوز تركه . والحرمة: هي الحكم الإلزامي الّذي لم يرخِّص الشارع في فعله ، فلا يجوز فعله .
وأمّا الحكم المبني على الرخصة الموسوم بالاستحباب أو الكراهة فهو حكم مطلوب للشارع مع ترخيصه ـ جلّ اسمه ـ في ترك امتثاله .
وعليه فالشارع الأقدس قد يأمر المكلّف ويبعثه نحو مطلوبه من دون دلالة على ترخيص تركه فيصير واجبا ، وقد يأمر به مع جعل الحجّة للمكلّف على ترخيص الترك فيصبح مندوبا . وكذا في النهي؛ إن لم يجعل حجّة على ترخيص الفعل كان حراما ، وإن جعل الدليل على ترخيصه صار مكروها .
فإذا أمر الشارع بالفعل أو نهى عنه ولم تكن قرينة متّصلة ولا منفصلة على جواز الترك كان واجبا أو حراما في الشرع .
لكنّ كثيرا ما يتعلّق أمر أو نهي ـ أو ما يقوم مقامهما ـ بفعل مع عدم قرينة متّصلة على وجود الترخيص في ترك امتثاله ، فيدلّ ـ ولو بضميمة مقدّمة عقلية ۱ ـ على الإلزام ، ثمّ يرد

1.توضيحه : أنّ المعنى الّذي وضعت بإزائه صيغة الأمر هو «إنشاء البعث» الأعمّ من الوجوب والندب ، وكذلك صيغة النهي الّذي وضعت لـِ «إنشاء الزجر» الأعمّ من الحرمة والكراهة ؛ فإذا أمر المولى عبده نحو مطلوبه فالعقل حاكم بوجوب الانبعاث نحوه والإتيان به ، ويذمّ من تقاعد عنه ، إلاّ إذا أحرز من دليل لفظي أولبّي أنّ المولى قد رخّص في تركه ، فما لم يحصّل الحجّة في ترك الانبعاث والامتثال فعليه الإتيان بما أمر به المولى . وكذا النهي والزجر عن الفعل .

  • نام منبع :
    اسباب اختلاف الحديث
    المساعدون :
    المسعودي، عبدالهادي؛ رحمان ستايش، محمد كاظم
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 215131
الصفحه من 728
طباعه  ارسل الي