علاج الاختلاف :
علاج الاختلاف بالتفطّن إلى أنّ الحديثين الأوّلين والآية ليست في مقام البيان والتفصيل، بل بني الكلام فيها على الإهمال؛ لمصالح ووجوه تقدّمت في المثال المتقدّم، والشاهد على ذلك :
۱۸۴.روى الكليني والصدوق بإسنادهما عن حمران، قال قلت لأبي جعفر عليه السلام : ما معنى قول اللّه عز و جل :« مِنْ أَجْلِ ذَ لِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِى إِسْرَ ءِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسَا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِى الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا » قال : قلتُ : كيف « فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا » ، فإنّما قتل واحدا؟ فقال : يوضع في موضع من جهنّم إليه ينتهي شدّة عذاب أهلها ، لو قتل الناس جميعا إنّما كان يدخل ذلك المكان . قلت : فإنّه قتل آخر؟ قال : يضاعف عليه . ۱
فلاحظ أنّ هذا الحديث يشهد لكون الآية والحديثين الأوّلين في مقام الإهمال المقرون بإيهام التضاد، فتعرّض لبيان أنّ من قتل نفسا واحدة ومن قتل خلائق كثيرة مدخلهما واحد من دون بيان تفاوتهما في العذاب شدّة وضعفا ، وأنّ لكلّ واحد منهما ما يستحقّه من العقاب «جَزَآءً وِفَاقًا»۲ . نعم لها دلالة على أنّ من خواصّ تلك الدركة من جهنّم شدّة عذابها، وأنّها أشدّ من غيرها من الدركات أعاذنا اللّه منها .
الإجمال لا يوجب الاختلاف
بالتأمّل فيما بيّناه من معنى هذه المصطلحات الثلاث تعرف أنّ الإجمال لا يمكن أن يعتبر من أسباب اختلاف الحديث؛ لأنّ اختلاف الحديثين فرع دلالتهما على معنيين متنافيين، مع أنّ انتفاء الدلالة للكلام شرط صدق الإجمال .
فإن قيل : الإجمال بالذات إن لم يقتضِ الاختلاف فالإجمال بالعرض يمكن أن يكون