171
اسباب اختلاف الحديث

المشكوكة ، وإنّما يتصرّف في موضوع عدم العلم فيقصره على ما لم يعلم ولم يقم دليل معتبر عليه، حسب ما بيّنّاه في بحث الحكومة .
فاتّضح من خلال هذا البيان والتفصيل وجه التحقيق في نسبة أدلّة الأحكام المشكوكة والمظنونه إلى أدلّة حجّية الأمارات ، وكذا بينها وبين نفس الأدلّة المعتبرة الدالّة على الأحكام الشرعية .

نتيجة المقال:

أنّه لا يعقل الاختلاف بين الأدلّة الواردة والمورود عليها ، فإنّه بعد التنزيل والتعبّد لا يبقى أيّ اختلاف بينهما ، وقبل التنزيل ـ أو بدون لحاظه ـ لا صِلةَ بينهما ؛ لكونهما متباينين في الموضوع والمحمول . والاختلاف بين أدلّة التنزيل ـ والتعبّد بالدليل الوارد ـ وبين الأدلّة المورود عليها أيضا وإن كان متحقّقا إلاّ أنّه من باب الحكومة فحسب . فلا يمكن اعتبار الورود بما هو هو من أسباب اختلاف الحديث .


اسباب اختلاف الحديث
170

الدالّة على حجّية الأمارات والحجج ۱ والاُصول ، فإنّ النسبة بينها وبين أدلّة أحكام الظنون والشكوك هي الحكومة .
والعلم هو القطع المطابق للواقع ، أو هو القطع واليقين في مثل المورد ، فالحكم بارتفاع الآثار عمّا لا يعلمون أو المؤاخذة عنه يشمل كلَّ ما دون العلم من الوهم والشكّ والظنّ ، مهما بلغت مرتبته .
فإذا تعبّدنا الشارع بدليل ظنّي ـ كالأمارات والحجج ـ ونزّله منزلة العلم ، ارتفع موضوع الحكم بالبراءة و«ما لا يعلمون» ، فلا يبقى عدم العلم الّذي هو موضوع لحديث الرفع حقيقة، ولكن في ضوء تعبّد الشارع وتنزيله .
كما إذا تعبّدنا بخبر الثقة في إحراز حكم ـ أو موضوع ذي حكم ـ شرعي، أو بأصوات الديوك لإحراز وقت الصلاة مثلاً ، فنزّل خبر الثقة أو أصوات الديوك منزلة العلم وإن كانا دونه .

تنبيه :

إذا تبيّن ذلك عرفنا أنّ نسبة الورود في مثل المورد إنّما هي بين نفس الدليل المتعبّد به ـ مثل خبر الثقة الدالّ على حكم شرعي ـ وبين حديث «رفع عن اُمّتي ... ما لا يعلمون» ؛ فإنّ مثل هذا الدليل المتعبَّد به ـ بعد العناية والتنزيل ـ يوجب للمكلَّف العلم بتلك القضية الشرعية ، ويخرج متعلَّقه عن موضوع دليل الرفع الذي هو عدم العلم .
وأمّا النسبة بين حديث الرفع وبين أدلّة اعتبار الحجج والأمارات ـ كدليل اعتبار خبر الثقة مثلاً ـ فهي الحكومة دون الورود ؛ لأنَّ قول المعصومين عليهم السلام الدالّ على حجّية خبر الثقة مثلاً لا يرفع موضوع عدم البيان في موارد الشكّ وعدم العلم ؛ لأنّه لايوجب العلم بالقضية

1.مثل التوقيع المبارك المروي في : كمال الدين وتمام النعمة : ص۴۸۴ ح۴، وسائل الشيعة : ج۲۷ ص۱۴۰ ح۳۳۴۲۴ ، الغيبة للشيخ الطوسي: ص۲۹۰ . أو ما رواه الكشي بإسناده عن مسلم بن أبي حيّة ، راجع اختيار معرفة الرجال : ج۲ ص۸۱۶ الرقم ۱۰۲۰ وعنه وسائل الشيعة : ج۲۷ ص۱۴۹ ح۳۳۴۵۵ ، وغيرهما من روايات حجّية خبر الواحد ، وقد أشرنا إلى كثير منها في هامش المبحث السابق فراجع .

  • نام منبع :
    اسباب اختلاف الحديث
    المساعدون :
    المسعودي، عبدالهادي؛ رحمان ستايش، محمد كاظم
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 219018
الصفحه من 728
طباعه  ارسل الي