توافقا كليّا في مآل الأمر . وينكشف بذلك كون التنافي صوريّا ، من غير أن يكون الوجه الموهِم للخلاف داخلاً في إرادة المتكلّم الجديّة .
ثانيا : موقع مختلف الحديث من علومه
للتحديث مهمّتان : رواية الحديث ودرايته .
۱.فروى الصدوق قدس سره بإسناده عن ابن أبي عمير، عن إبراهيم الكرخي، عن أبي عبد اللّه عليه السلام أنّه قال :حديث تدريه خير من ألف ترويه، ولا يكون الرجل منكم فقيها حتّى يعرف معاريض كلامنا، وإنّ الكلمة من كلامنا لتنصرف على سبعين وجها لنا من جميعها المخرج . ۱
والمراد بدراية الحديث هنا فهمه، ومعرفة مراد المعصوم عليه السلام منه، ومعرفة ما يترتّب عليه والتصديق بمضمونه ، لا العلم الموسوم بـ «مصطلح الحديث» .
فلمّا كان العلم بالحديث ـ روايةً ودراية ـ يستدعي البحث عن جهات عديدة تتعلّق بشؤون الراوي والمروي ـ على وجه الكلّية والإجمال أو الجزئية والتطبيق ـ توسّع العلماء في البحث عن تلك الشؤون، وصنّفوا فيها كتبا مستقلّة ، حتّى آل الأمر إلى تدوين علوم متعدّدة كلّ منها يبحث عن جهة خاصّة من تلك الشؤون ، فكانت العلوم المدوّنة في ذلك :
أ ـ «رواية الحديث» والاهتمام فيها بنقل الحديث بوجه دقيق، سليم عن طوارئ التحريف، والجهات الّتي تُسقِطه عن الاعتبار . ۲
ب ـ «الدراية» بالمعنى الأخصّ الموسوم بمصطلح الحديث ، ويبحث فيه عن المصطلحات المستعملة في حقل الحديث، وعن أقسامه، وتقسيم الحديث من حيث المفاد والأسانيد ، وطرق التحمّل والأداء ، وأحوال الرواة، كل ذلك على نحو الكليّة والإجمال ، دون الجزئية والتطبيق على آحاد الأحاديث .
ج ـ «علم الرجال » ويبحث فيه عن أحوال الرواة؛ كلّ واحد منهم، على وجه كلّي، لابما