والانصراف المذكور إنّما ينفع حيث كان الموجود في السند اللفظ المنصرف دون غيره ، والوجه واضح .
ثمّ إنّ هذا الانصراف قد يكون بالنسبة إلى جميع المشتركين ، وقد يكون بالنسبة إلى بعضهم ، والأخير لاينفع إلاّ في التميّز في الجملة عن البعض المزبور ، خصوصاً حيث كان في ثالثٍ أشهر منهما معاً ، فإنّه ينصرف إليه .
نعم ، لو عُلم ببعض المميّزات عدم إرادة الثالث الأشهر أو المساوي معه في الاشتهار ، أفاد الانصراف في غيره تميّزه عن غيره .
وهذا كما ذكر في النقد ۱ في الحلبيّ المشترك بين محمّد بن عليّ بن أبي شعبة وإخوته : عبيداللّه وعمران وعبدالأعلى وأبيهم وأحمد بن عمر بن أبي شعبة وأبيه عمر وأحمد بن عمران أنّه في الأوّل ثمّ الثاني أشهر وإن تأمّل في الترتيب في التعليقة .
فعلى فرضه لو كانت قرينة على عدم إرادة الأوّل عيّنا الثاني بالانصراف المزبور.
وبالجملة فأسباب التميّز كثيرة يقوى المتأمّل على إخراجها والتميّز بها ، وإنّما أشرنا إلى هذه الجملة ليتقوّى ذهن الناظر على تخريجها بالتفطّن إلى شعبها . والضابط ما عرفت .
ثمّ إنّه قد يوجد في بعض الموارد واحد من أسباب التميّز دون غيره ، وقد تتعدّد لكن مع توافق الجميع في المفاد .
وهذا لا إشكال فيه ، إنّما الإشكال مع وجود المتعدّد واختلاف المفاد ، فهل لبعضها ترجيح على البعض ؟ وهل يرجّح بالكثرة في جانبٍ أم لا؟
الأظهر أنّه لاضابط لأحد الوجهين ولا دليل عليه ، بل الوجه أنّ المدار على قوّة الظنّ ، فقد تكون في واحدٍ أقوى منها في متعدّد ، بل قد تكون في واحدٍ في خصوص موردٍ ولا تكون فيه في غيره .