177
جواهر الحكمة للشّباب

جواهر الحكمة للشّباب
176

۴۲۲.عنه عليه السلام :شَرُّ الآباءِ مَن دَعاهُ البِرُّ إلَى الإِفراطِ ، وشَرُّ الأَبناءِ مَن دَعاهُ التَّقصيرُ إلَى العُقوقِ . ۱

۴۲۳.الإمام الصادق عليه السلام :أدنَى العُقوقِ اُفٌّ ولَو عَلِمَ اللّه ُ عز و جل شَيئا أهوَنَ مِنهُ لَنَهى عَنهُ . ۲

۴۲۴.الإمام العسكري عليه السلام :جُرأَةُ الوَلَدِ عَلى والِدِهِ في صِغَرِهِ تَدعو إلَى العُقوقِ في كِبَرِهِ . ۳

۴۲۵.مُهَج الدعوات عن الإمام الحسين عليه السلام :كُنتُ مَعَ عَلِيِّ بنِ أبي طالِب عليه السلامفِي الطَّوافِ في لَيلَةٍ دَيجوجِيَّةٍ ۴ قَليلَةِ النّورِ وقَد خَلاَ الطُّوّافُ ، ونامَ الزُّوّارُ ، وَهَدأَتِ العُيونُ ، إذ سَمِعَ مُستَغيثا مُستَجيرا مُتَرَحِّما بِصَوتٍ حَزينٍ مَحزونٍ مِن قَلبٍ موجَعٍ ، وهُوَ يَقولُ :
يا مَن يُجيبُ دُعاءَ المُضطَرِّ فِيالظُّلَمِيا كاشِفَ الضُّرِّ وَالبَلوى مَعَ السَّقَمِ
قَد نامَ وَفدُكَ حَولَ البَيتِ وَانتَبَهوايَدعو وعَينُكَ يا قَيّومُ لَم تَنَمِ
هَب لي بِجودِكَ أفضَلَ العَفوِ عَن جُرمييا مَن أشارَ إلَيهِ الخَلقُ فِي الحَرَمِ
إن كانَ عَفوُكَ لا يَلقاهُ ذو سَرَفِ فَمَن يَجودُ عَلَى العاصينَ بِالنِّعَمِ
قالَ الحُسَينُ بنُ عَلِيٍّ عليه السلام : فَقالَ لي : يا أبا عَبدِ اللّه أسَمِعتَ المُنادِيَ ذَنبَهُ المُستَغيثَ رَبَّهُ .
فَقُلتُ : نَعَم ، قَد سَمِعتُهُ .
فَقالَ : اِعتَبِرهُ عَسى تَراهُ ، فَما زِلتُ أخبِطُ في طَخياءِ الظَّلامِ وأتَخَلَّلُ بَينَ النِّيامِ . فَلَمّا صِرتُ بَينَ الرُّكن وَالمَقام ، بَدا لي شَخصٌ مُنتَصِبٌ ، فَتَأَمَّلتُهُ فَإِذا هُوَ قائِمٌ ، فَقُلتُ : السَّلامُ عَلَيكَ أيُّهَا العَبدُ المُقِرُّ المُستَقيلُ المُستَغفِرُ المُستَجيرُ أجِب بِاللّه ِ ابنَ عَمِّ رَسولِ اللّه صلى الله عليه و آله . فَأَسرَعَ في سُجودِهِ وقُعودِهِ وَسلَّمَ ، فَلَم يَتَكَلَّم حَتّى أشارَ بِيَدِهِ بِأَن تَقَدَّمني فَتَقَدَّمتُهُ فَأَتَيتُ بِهِ أميرَ المُؤمِنين عليه السلام ، فَقُلتُ : دونَكَ ها هُوَ ! فَنَظَرَ إلَيهِ فَإِذا هُوَ شابٌّ حَسَنُ الوَجهِ ، نَقِيُّ الثِّيابِ ، فَقالَ لَهُ : مِمَّنِ الرَّجُلُ ؟
فَقالَ لَهُ : مِن بَعضِ العَرَب .
فَقالَ لَهُ : ما حالُكَ ، ومِمَّ بُكاؤُكَ وَاستِغاثَتُكَ ؟
فَقالَ : حالُ مَن اُوخِذَ بِالعُقوقِ فَهُوَ في ضيقٍ اِرتَهَنَهُ المُصابُ ، وغَمَرَهُ الاِكتِئابُ ، فَارتابَ فَدُعاؤُهُ لا يُستَجابُ .
فَقالَ لَهُ عَلِيٌّ عليه السلام : ولِمَ ذلِكَ ؟
فَقالَ : لأَِنّي كُنتُ مُلتَهِياً فِي العَرَب بِاللَّعبِ وَالطَّرَبِ ، اُديمُ العِصيانَ في رَجَب وشَعبان ، وما اُراقِبُ الرَّحمنَ ، وكانَ لي والِدٌ شَفيقٌ ، يُحَذِّرُني مَصارِعَ الحَدَثانِ ، ويُخَوِّفُنِي العِقابَ بِالنّيرانِ ، ويَقولُ : كَم ضَجَّ مِنكَ النَّهارُ وَالظَّلامُ ، وَاللَّيالي وَالأَيّامُ ، وَالشُّهورُ وَالأَعوامُ ، وَالملائِكَة الكِرامُ ، وكانَ إذا ألَحَّ عَلَيَّ بِالوَعظِ زَجَرتُهُ وَانتَهَرتُهُ ، ووَثَبتُ عَلَيهِ وضَرَبتُهُ ، فَعَمَدتُ يَوما إلى شَيءٍ مِنَ الوَرَقِ فَكانَت فِي الخِباءِ فَذَهَبتُ لآِخُذَها وأصرِفَها فيما كُنتُ عَلَيهِ ، فَمانَعَني عَن أخذِها فَأَوجَعتُهُ ضَربا ولَوَيتُ يَدَهُ وأخَذتُها
ومَضَيتُ ، فَأَومَأَ بِيَدِهِ إلى رُكبَتَيهِ يَرومُ النُّهوضَ مِن مَكانِهِ ذلِكَ ، فَلَم يُطِق يُحَرِّكُها مِن شِدَّةِ الوَجَعِ وَالأَلَمِ فَأَنشَأَ يَقول :
جَرَت رَحِمٌ بَيني وبَينَ مُنازِلٍ سَواءً كَما يَستَنزِلُ القَطرَ طالِبُهُ
ورَبَّيتُ حَتّى صارَ جَلدا شَمَردَلاً إذا قامَ ساوى غارِبَ العِجلِ غارِبُهُ
وقَد كُنتُ اُوتيهِ مِنَ الزّادِ فِي الصِّبا إذا جاعَ مِنهُ صَفوُهُ وأطايِبُهُ
فَلَمَّا استَوى في عُنفُوانِ شَبابِهِ وأصبَحَ كَالرُّمحِ الرُّدَينِيِّ خاطِبُهُ
تَهَضَّمَني مالي كَذا ولَوى يَدي لَوى يَدَهُ اللّه ُ الَّذي هُوَ غالِبُهُ
ثُمَّ حَلَفَ بِاللّه ِ لَيَقدَمَنَّ إلى بَيتِ اللّه ِ الحَرام ، فَيَستَعدِي اللّه َ عَلَيَّ ، قالَ : فَصامَ أسابيعَ ، وصَلّى رَكَعاتٍ ، ودَعا وخَرَجَ مُتَوَجِّها عَلى عيرانِهِ يَقطَعُ بِالسَّيرِ عَرضَ الفَلاةِ ، ويَطوِي الأَودِيَةَ ويَعلُو الجِبالَ حَتّى قَدِمَ مَكَّة يَومَ الحَجِّ الأَكبَر فَنَزَلَ عَن راحِلَتِهِ ، وأقبَلَ إلى بَيتِ اللّه ِ الحَرام ، فَسَعى وطافَ بِهِ ، وتَعَلَّقَ بِأَستارِهِ ، وَ ابتَهَلَ ، وأنشَأَ يَقولُ :
يا مَن إلَيهِ أتَى الحُجّاجُ بِالجُهدِ فَوقَ المِهادِ مِن أقصى_'feغايَةِ البُعدِ
إنّي أتَيتُكَ يا مَن لا يُخَيِّبُ مَن يَدعوهُ مُبتَهِلاً بِالواحِدِ الصَّمَدِ
هذا مُنازِلٌ مَن يَرتاعُ مِن عُقَقي فَخُذ بِحَقّي يا جَبّارُ مِن وَلَدي
حَتّى تُشِلَّ بِعَونٍ مِنكَ جانِبَهُ يا مَن تَقَدَّسَ لَم يولَد ولَم يَلِد
قالَ : فَوَ الَّذي سَمَكَ السَّماءَ ، وأنبَعَ الماءَ ، مَا استَتَمَّ دُعاؤُهُ حَتّى نَزَلَ بي ما تَرى ثُمَّ كَشَفَ عَن يَمينِهِ ، فَإِذا بِجانِبِهِ قَد شَلَّ - فَأَ نَا مُنذُ ثَلاثِ سِنينَ أطلُبُ إلَيهِ أن يَدعُوَ لي ۵ فِي المَوضِعِ الَّذي دَعا بِهِ
عَلَيَّ، فَلَم يُجِبني، حَتّى إذا كانَ العامُ أنعَمَ عَلَيَّ، فَخَرَجتُ عَلى ناقَةٍ عَشراءَ اُجِدُّ السَّيرَ حَثيثا رَجاءَ العافِيَةِ ، حَتّى إذا كُنّا عَلَى الأَراك وحَطمَةِ وادِي السّياك ۶ نَفَرَ طائِرٌ فِي اللَّيلِ فَنَفَرَت مِنهُ النّاقَةُ الَّتي كانَ عَلَيها ، فَأَلقَتهُ إلى قَرارِ الوادي ، وَارفَضَّ بَينَ الحَجَرَينِ فَقَبَرتُهُ هُناكَ ، وأعظَمُ مِن ذلِكَ أنّي لا اُعرَفُ إلاّ «المَأخوذَ بِدَعوَةِ أبيهِ» .
فَقالَ لَهُ أميرُالمُؤمِنين عليه السلام : أتاكَ الغَوثُ ، ألا اُعَلِّمُكَ دُعاءً عَلَّمَنيهِ رَسولُ اللّه صلى الله عليه و آله ، وفيهِ اسمُ اللّه ِ الأَكبَرُ الأَعظَمُ ، العَزيزُ الأكرَمُ ، الَّذي يُجيبُ بِهِ مَن دَعاهُ ، ويُعطي بِهِ مَن سَأَلَهُ ، ويُفَرِّجُ بِهِ الهَمَّ ، وَيكشِفُ بِهِ الكَربَ ويَذهَبُ بِهِ الغَمَّ ، ويُبرِئُ بِهِ السُّقمَ ، ويُجبِرُ بِهِ الكَسيرَ ، ويُغني بِهِ الفَقيرَ ، ويَقضي بِهِ الدَّينَ ، ويَرُدُّ بِهِ العَينَ ، ويَغفِرُ بِهِ الذُّنوبَ ، ويَستُرُ بِهِ العُيوبَ ، ويُؤمِنُ بِهِ كُلَّ خائِفٍ مِن شَيطانٍ مَريدٍ ، وجَبّارٍ عَنيدٍ . ولَو دَعا بِهِ طائِعٌ لِلّهِ عَلى جَبَلٍ لَزالَ مِن مَكانِهِ ، أو عَلى مَيِّتٍ لأََحياهُ اللّه ُ بَعدَ مَوتِهِ ، ولَو دَعا بِهِ عَلَى الماءِ لَمَشى عَلَيهِ بَعدَ ألاّ يَدخُلَهُ العُجبُ ، فَاتَّقِ اللّه َ أيُّهَا الرَّجُلُ فَقَد أدرَكَتنِي الرَّحمَةُ لَكَ وَليَعلَمِ اللّه ُ مِنكَ صِدقَ النِّيَّةِ أنَّكَ لا تَدعو بِهِ في مِعصِيَتِهِ و لا تُفيدُهُ إلاّ الثِّقَةَ في دينِكَ ! فَإِن أخلَصتَ فيهِ النِّيَّةَ استَجابَ اللّه ُ لَكَ ، ورَأَيتَ نَبِيَّكَ مُحَمَّدا صلى الله عليه و آله في مَنامِكَ ، يُبَشِّرُكَ بِالجَنَّةِ وَالإِجابَةِ .
قالَ الحُسَينُ بنُ عَلِيٍّ عليهماالسلام : فَكان سُروري بِفائِدَةِ الدُّعاءِ أشَدَّ مِن سُرورِ الرَّجُلِ بِعافِيَتِهِ وما نَزَلَ بِهِ ، لأَِنَّني لَم أكُن سَمِعتُهُ مِنهُ ، ولا عَرَفتُ هذَا الدُّعاءَ قَبلَ ذلِكَ ، ثُمَّ قالَ : اِئتِني بِدَواةٍ وبَياضٍ ،
وَاكتُب ما اُمليهِ عَلَيكَ فَفَعَلتُ وهُوَ : بِسمِ اللّه ِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ ، اللّهُمَّ إنّي أسأَلُكَ بِاسمِكَ يا ذَا الجَلالِ وَالإِكرامِ... . ۷
قالَ [الفَتى] : لَمّا هَدَأَتِ العُيونِ بِالرُّقادِّ ، وَاستَحَلَّكَ جِلبابُ اللَّيلِ رَفَعتُ يَدي بِالكِتابِ ، ودَعَوتُ اللّه ِ بِحَقِّهِ مِرارا ، فاُجِبتُ فِي الثَّانِيَةِ : حَسبُكَ ، فَقَد دَعَوتَ اللّه َ بِاسمِهِ الأَعظَمِ ، ثُمَّ اضطَجَعتُ فَرَأَيتُ رَسَولَ اللّه ِ صلى الله عليه و آله في مَنامي ، وقَد مَسَحَ يَدَهُ الشَّريفَةَ عَلَيَّ وهُوَ يَقولُ : اِحتَفِظ بِاللّه ِ العَظيمِ ، فَإِنَّّكَ عَلى خَيرٍ ، فَانتَبَهتُ مُعافا .

1.تاريخ اليعقوبي : ج ۲ ص ۳۲۰ .

2.الكافي : ج ۲ ص ۳۴۸ ح ۱ .

3.تحف العقول : ص ۴۸۹ .

4.ليلٌ دَجيّ : أي مظلم (مجمع البحرين : ج ۱ ص ۵۷۸) .

5.ما في المصدر «يدعوني» وما أثبتناه هو الأصحّ كما في بحار الأنوار .

6.هذا ما صحّحناه من بحار الأنوار وفي المصدر : «إذا كُنّا عَلَى الأراك وحَطته وادي السّجالِ» .

7.مُهج الدعوات : ص ۱۹۱ ، بحار الأنوار : ج ۹۵ ص ۳۹۴ ح ۳۳ .

  • نام منبع :
    جواهر الحكمة للشّباب
    المساعدون :
    غلامعلي، احمد
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1426 ق / 1384 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 188512
الصفحه من 366
طباعه  ارسل الي