765
الفصول المهمة في معرفة الائمة ج2

الذلّة ويتعلّقها فذلك ۱ مهبول الاُم ، لا تعرف نفسه شرفاً ولا له عن الخساسة والدناءة منصرفا ، ومن كان كرّارا صبّارا خائضا غمرات الأهوال بنفسٍ مطمئنةٍ وعزيمةٍ مرجّجة بعد مصافحه الصفاح غنيمة باردة، ومراوحة الرماح فائدة وعائدة، ومكافحة الكتائب مكرمة زائدة ، ومناوحة المصائب منقبة شاهدة ، جانحا إلى ابتياع العزّ بمهجته ويراها ثمنا قليلاً جامحا عن إرتكاب الدنايا وإن غادره جماحه قتيلا ۲ :

يرى الموت أحلى من ركوب دنيةولا يقتدي للناكصين عليلا۳
ويستعذب التعذيب فيما يفيدهنزاهته عن أن يُقاد۴ذليلا
فهذا مالك زمام الشجاعة وحائزها ، وله من قداحها معلاها وفايزها ، وقد صحّف النقلة ۵ في صحائف السِير بما رواه وحرّروا القول بما نقله المتقدّم إلى المتأخّر فيما رووه :
إنّ الحسين عليه السلام لمّا قصد العراق وشارف الكوفة سمع به أميرها عبيد اللّه بن زياد لعنه اللّه ، فسرّب الجنود لمقاتلته إسرأبا وحزّب الجيوش ۶ لمحاربته أحزابا ، وجهّز إليه من العساكر عشرين ألف مقاتل ، مابين فارس وراجل ، فأحدقوا به شاكّين في كثرة العدد والعديد ، ملتمسين منه نزوله على حكم بن زياد وبيعته ليزيد ، فإن أبى ذلك فليؤذن بقتال يقطع الوتين وحبل الوريد ، ويصعد بالأرواح إلى المحلّ الأعلى ويطرح الأشباح على الصعيد ، فتبعت نفسه الأبيّة جدّها وأباها ، وعزفت عن ارتكاب الدنيّة فأباها ، ونادته النخوة الهاشمية فلبّاها ومنحها بالإجابة إلى مجانبة

1.في (أ) : فيهلك .

2.انظر مطالب السؤول في مناقب آل الرسول : ۲۵۳ ، وزبدة المقال في فضائل الآل (مخطوط) : ورق ۱۲۵ وكلاهما لكمال الدين محمّد بن طلحة الشافعي المتوفّى سنة (۶۵۴ ه . ق) .

3.في (أ) : دليلا .

4.في (أ) : يقال .

5.في (ب) : صحّ بالنقل .

6.في (ب) : جيّش .


الفصول المهمة في معرفة الائمة ج2
764

سموا على الأمثال وشرفوا . تقرّ الشقاشق إذا هدرت شقاشقهم ، وتصغي الأسماع إذا قال قائلهم أو نطق ناطقهم ، ويكشف الهوى إذا أفلست ۱ به خلايقهم ، ويقف كلّ ساعٍ عن شَأوِهِم فلا يدرك فايتهم ولاينال طرايقهم ، سجايا منَحهم بها خالقهم ، وأخبر بها صادقهم ، فسرّ بها أولياؤهم وأصدقاؤهم ۲ وحزن لها مباينهم ومفارقهم . وقد حلّ الحسين عليه السلام من هذا البيت الشريف في أوجّه وارتفاعه ، وعلا ۳ محلّه فيه علوّا تطامنت النجوم عن إرتفاعه ، واطلّع بصفا سرّه على غوامض المعارف فانكشفت له الحقايق عند اطّلاعه ، وطار ۴ صيته بالفضائل والفواضل فاستوى الصديق والعدوّ في استماعه ، ولمّا انقسمت غنائم المجد حصل على صعابها ۵ ومرتاعه ۶ ، فقد اجتمع فيه وفي أخيه عليهاالسلام من خلال الفضائل ما لاخلاف في إجتماعه . فكيف لايكونا كذلك وهما أبنا عليّ وفاطمة وسبطان لمن كان سيد النبيين والمرسلين وخاتمهم والحسين عليه السلام هو الّذي أرضى غرب السيف والسنان ومال إلى منازلة الابطال والشجعان .
قال الشيخ كمال الدين بن طلحة : اعلم أنّ الشجاعة من المعاني القائمة بالنفوس ولها رجالٌ أبطال وصناديد الشؤوس ولا يعرف صاحبها إلاّ إذا ضاق المجال واشتدّ القتال وأحدقت الرجال بالرجال ، فمن كان مجزاعا مهلاعا فنراه يستركب الهزيمة ويستقبلها ۷ يستوصب الدنية ويتطوّقها ، ويستعذب المغرّة ويستوثقها ۸ ، ويستصحب

1.في (ب ، د) : قيست .

2.في (أ) : وأصادقهم .

3.في (أ) : وعلوّ .

4.في (ج) : صار .

5.في (ب) : صفاياه .

6.في (ج ، د) : مرباعه .

7.في (ب) : يستقبلها .

8.في (أ) : ويتشوّقها .

  • نام منبع :
    الفصول المهمة في معرفة الائمة ج2
    المساعدون :
    الغریری، سامی
    المجلدات :
    2
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1379 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 52602
الصفحه من 1403
طباعه  ارسل الي