323
مكاتيب الأئمّة ج2

207

كتابه عليه السلام لمَن يستعمله على الصَدقات

۰.« انْطَلِقْ عَلَى تَقْوَى اللّه ِ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ ، ولا تُرَوِّعَنَّ مُسْلِما ، ولا تَجْتَازَنَّ عَلَيْهِ كَارِها ، ولا تَأْخُذَنَّ مِنْهُ أَكْثَرَ مِنْ حَقِّ اللّه في مَالِه ، فَإِذَا قَدِمْتَ عَلَى الْحَيِّ فَانْزِلْ بِمَائِهِمْ مِنْ غَيْرِ أَنْ تُخَالِطَ أَبْيَاتَهُمْ ، ثُمَّ امْضِ إِلَيْهِمْ بِالسَّكِينَةِ والْوَقَارِ حَتَّى تَقُومَ بَيْنَهُمْ ، فَتُسَلِّمَ عَلَيْهِمْ ، ولا تُخْدِجْ بِالتَّحِيَّةِ لَهُمْ ، ثُمَّ تَقُول : عِبَادَ اللّه أَرْسَلَنِي إِلَيْكُمْ وَلِيُّ اللّه وخَلِيفَتُهُ لآخُذَ مِنْكُمْ حَقَّ اللّه في أَمْوَالِكُمْ ، فَهَلْ للّه في أَمْوَالِكُمْ مِنْ حَقٍّ فَتُؤدُّوهُ إلى وَلِيِّه ، فَإِنْ قال قَائِلٌ لا فَلا تُرَاجِعْهُ ، وإِنْ أَنْعَمَ لَك مُنْعِمٌ فَانْطَلِقْ مَعَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ تُخِيفَهُ ، أو تُوعِدَهُ ، أو تَعْسِفَهُ ، أو تُرْهِقَهُ ، فَخُذْ مَا أَعْطَاك مِنْ ذَهَبٍ أو فِضَّةٍ ، فَإِنْ كَانَ لَهُ مَاشِيَةٌ أو إِبِلٌ فَلا تَدْخُلْهَا إلاَّ بِإِذْنِه ، فَإِنَّ أَكْثَرَهَا لَه ، فَإِذَا أَتَيْتَهَا فَلا تَدْخُلْ عَلَيْهَا دُخُولَ مُتَسَلِّطٍ عَلَيْهِ ، ولا عَنِيفٍ بِه ، ولا تُنَفِّرَنَّ بَهِيمَةً ، ولا تُفْزِعَنَّهَا ، وَتَسُوأَنَّ صَاحِبَهَا فيها ، واصْدَعِ الْمَالَ صَدْعَيْنِ ، ثُمَّ خَيِّرْهُ فَإِذَا اخْتَارَ فَلا تَعْرِضَنَّ لِمَا اخْتَارَهُ ، ثُمَّ اصْدَعِ الْبَاقِي صَدْعَيْنِ ، ثُمَّ خَيِّرْهُ ، فَإِذَا اخْتَارَ فَلا تَعْرِضَنَّ لِمَا اخْتَارَهُ ، فَلا تَزَالُ كَذَلِك حَتَّى يَبْقَى مَا فيه وَفَاءٌ لِحَقِّ اللّه في مَالِه فَاقْبِضْ حَقَّ اللّه مِنْهُ ، فَإِنِ اسْتَقَالَك فَأَقِلْهُ ثُمَّ اخْلِطْهُمَا ، ثُمَّ اصْنَعْ مِثْلَ الَّذي صَنَعْتَ أَوَّلاً حَتَّى تَأْخُذَ حَقَّ اللّه في مَالِه ، ولا تَأْخُذَنَّ عَوْدا ، ولا هَرِمَةً ، ولا مَكْسُورَةً ، ولا مَهْلُوسَةً ، ولا ذَاتَ عَوَارٍ ، ولا تَأْمَنَنَّ عَلَيْهَا إلاَّ مَنْ تَثِقُ بِدِينِهِ رَافِقا بِمَالِ الْمُسْلِمِينَ حَتَّى يُوَصِّلَهُ إِلَى وَلِيِّهِمْ فَيَقْسِمَهُ بَيْنَهُمْ ، ولا تُوَكِّلْ بِهَا إلاَّ نَاصِحا شَفِيقا وأَمِينا حَفِيظا غَيْرَ مُعْنِفٍ ولا مُجْحِفٍ ولا مُلْغِبٍ ولا مُتْعِبٍ ، ثُمَّ احْدُرْ إِلَيْنَا مَا اجْتَمَعَ عِنْدَك نُصَيِّرْهُ حَيْثُ أَمَرَ اللّه بِه ، فَإِذَا أَخَذَهَا أَمِينُك فَأَوْعِزْ إِلَيْه أَلاّ يَحُولَ بَيْنَ نَاقَةٍ وبَيْنَ فَصِيلِهَا ، ولا يَمْصُرَ لَبَنَهَا فَيَضُرَّ ذَلِك بِوَلَدِهَا ؛ ولا يَجْهَدَنَّهَا رُكُوبا ، ولْيَعْدِلْ بَيْنَ صَوَاحِبَاتِهَا في ذَلِك وبَيْنَهَا ، ولْيُرَفِّهْ عَلَى اللاغِبِ ، ولْيَسْتَأْنِ بِالنَّقِبِ والظَّالِع ، ولْيُورِدْهَا مَا تَمُرُّ بِهِ مِنَ الْغُدُرِ ، ولا يَعْدِلْ بِهَا عَنْ نَبْتِ الأَرْضِ إِلَى جَوَادِّ الطُّرُقِ ، ولْيُرَوِّحْهَا في السَّاعَات ، ولْيُمْهِلْهَا عِنْدَ النِّطَاف والأَعْشَابِ ، حَتَّى تَأْتِيَنَا بِإِذْنِ اللّه ، بُدَّنا مُنْقِيَاتٍ غَيْرَ مُتْعَبَاتٍ ، ولا مَجْهُودَاتٍ لِنَقْسِمَهَا عَلَى كِتَابِ اللّه وسُنَّةِ نَبِيِّه صلى الله عليه و آله ، فَإِنَّ ذَلِك أَعْظَمُ لأَجْرِك وأَقْرَبُ لِرُشْدِك إِنْ شَاءَ اللّه ُ » . ۱

1.نهج البلاغة : الكتاب۲۵ وراجع : الكافي : ج۳ ص۵۳۶ ح۱ ، التهذيب الأحكام : ج۴ ص۹۶ ح۲۷۴ ، المقنعة : ص۲۵۵ ، الغارات : ج۱ ص۱۲۵ وج۸ ص۱۱۰ ، بحار الأنوار : ج۳۳ ص۵۲۴ ، ح۷۱۷ ؛ شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ج۱۵ ص۱۵۱ .


مكاتيب الأئمّة ج2
322

۰.۳ . روى أبو الأسْوَد قال : دخلت على أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب ، فوجدت في يده رقعة ، فقلت : ما هذه يا أمير المؤمنين ؟فقال : « إنِّي تأمّلتُ كَلامَ العَرَبِ ، فَوجَدتُهُ قَد فسَدَ بِمُخالَطَةِ هذهِ الحَمراءِ ، يَعنِي الأعاجِمَ ، فأرَدتُ أن أصنَعَ شَيئا يَرجِعُون إليهِ ، ويَعتَمِدونَ عَليهِ » ، ثُمَّ ألقى إليَّ الرَّقعة ، وفيها مكتوب :
« الكلامُ كُلُّهُ : اسمٌ ، وفِعلٌ ، وحَرفٌ ، فالاسمُ : ما أنبأَ عَنِ المُسمَّى ، والفِعلُ : ما أنبأ بِهِ ، والحَرفُ : ما أفادَ مَعنى » .
وقال لي : « انحُ هذا النَّحوَ ، وأضعِفْ ما وَقَعَ إليْكَ ، واعلم يا أبا الأسْوَد ، إنَّ الأسماء ثلاثةٌ : ظاهرٌ ، ومُضْمرٌ ، واسم لا ظاهر ولا مضمر ، وإنَّما يتفاضل النَّاس يا أبا الأسْوَد ، فيما ليس بظاهر ولا مضمر ، وأراد بذلِكَ الاسمَ المُبهَم » .

قال : ثُمَّ وضعت بابي العطف والنَّعت ، ثُمَّ بابي التَّعجّب والاستفهام ، إلى أن وصلت إلى باب إنَّ وأخواتها ، ما خلا لكنَّ ، فلمَّا عرضتها على عليّ عليه السلام ، أمرني بضمّ لكنَّ إليها ، وكنت كلَّما وضعت بابا من أبواب النَّحو عرضتها عليه رضى الله عنه ، إلى أن حصلت ما فيهِ الكفاية .
قال عليه السلام : « ما أحسن هذا النَّحوَ الَّذي نَحَوتَ » فَلذلِكَ سُمّيَ نَحْوَا » . ۱
[ ويعلم من الأخبار المنقولة أنَّ أبا الأسْوَد أخذ بعضه عن أمير المؤمنين عليه السلام مكتوبا ، وبعضه شفاها ، وألحق به من عند نفسه أشياء ، ثُمَّ قرأه على أمير المؤمنين عليه السلام ، فقرّره ، وصحّحه ، إلى أن حصلت ما به الكفاية ، وكان أبو الأسْوَد لا يخرجه بل يخفيه ويسرّه ويضن به حَتَّى أمره زياد . ۲
بل إليه تنتهي العلوم الإسلاميَّة والكمالات الإنسانيَّة ، وقد أقرّ به ابن أبي الحديد ] . ۳
قال ابن أبي الحديد : وما أقولُ في رجل أقَرّ له أعداؤه وخصومه بالفضل ، ولم يمكنهم جَحْدُ مناقبهِ ، ولا كتمانُ فضائله . . . وما أقول في رجل تُعْزَى إليه كلُّ فضيلة ، وتنتهي إليه كل فِرْقة ، وتتجاذبه كلّ طائفة ، فهو رئيس الفضائل ويَنبوعها ، وأبو عُذْرِها ، وسابق مضمارها ، ومجلِّي حَلْبتها ، كلُّ مَن بزغ فيها بعده فمنه أخذ ، وله اقتفى ، وعلى مثاله احتذى .
وقد عرفتَ أنَّ أشرف العلوم هو العلم الإلهيّ ، لأنَّ شرف العلم بشرف المعلوم ، ومعلومه أشرف الموجودات ، فكان هو أشرفَ العلوم ، ومن كلامه عليه السلام اقتبس ، وعنه نقل ، وإليه انتهى ، ومنه ابتدأ ، فإنَّ المعتزلة ـ الَّذِين هم أهلُ التُّوحيد والعدل ، وأرباب النَّظر ، ومنهم تعلَّم النَّاس هذا الفنّ ـ تلامذتُه وأصحابه ؛ ۴ ] ثُمَّ ذكر إسناد العلوم الإسلاميَّة إليه مفصَّلاً ] .

1.نزهة الألبّاء : ص۳ وراجع : غرر الخصائص .

2.راجع : الشيعة وفنون الإسلام : ص۵۳ ـ ۱۶۴ ؛ الإصابة : ج۲ ص۲۴۲ .

3.شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ج۱ ص۱۶ ـ ۲۰ وج۱۶ ص۱۴۶ . وراجع : مطالب السؤول : ص ۲۸ ، ملحقات الإحقاق : ج۸ ص۱ ـ ۶۶ والشيعة وفنون الإسلام : ص ۵۳ ـ ۱۶۴ .

4.شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ج۱ ص۱۶ ـ ۲۰ .

  • نام منبع :
    مكاتيب الأئمّة ج2
    المساعدون :
    فرجي، مجتبي
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دارالحديث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1384 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 71972
الصفحه من 528
طباعه  ارسل الي