357
فائق المقال في الحديث و الرجال

عنه ، ولا طريق إليه يعتمد فيه عليه . ولكن بعد التتبّع التامّ والرجوع إلى أصل المأخذ وهو كتاب الكافي المذكور فيه ما صورته هكذا : «عدّة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن محمّد بن الحسن ، عن عبد اللّه بن عبد الرحمن الأصمّ ، عن مسمع بن عبد الملك ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : لو أنّ غلاماً» . ساق الحديث ؛ علمنا أنّ الرواية غير مرسلة .
ومن هذا القبيل أيضاً ما ذكره صاحب المنتقى حيث قال :
اعلم أنّه قد اتّفق لبعض الأصحاب توهّم الانقطاع في جملة من أسانيد الكافي ؛ لغفلتهم عن ملاحظة بنائه لكثير منها على طرق سابقة ، وهى طريقة معروفة بين القدماء . والعجب أنّ الشيخ رحمه اللهربّما غفل عن مراعاتها فأورد الإسناد من الكافي بصورته ووصله بطريقه عن الكليني من غير ذكر الواسطة المتروكة ، فيصير الإسناد في رواية الشيخ له منقطعاً ، ولكن مراجعة الكافي تفيد وصله .
ثم قال :
ومنشأ هذا التوهّم الذي أشرنا إليه فَقْد الممارسة المطّلعة على التزام تلك الطريقة . وسيرد عليك في تضاعيف الطرق أغلاط كثيرة نشأت من أغفال هذا الاعتبار عند انتزاع الأخبار من كتب السلف ، و إيرادها في الكتب المتأخّرة . فكان أحدهم يأتى بأوّل الإسناد صحيحاً لتقريره عنده ووضوحه وينتهى فيه إلى مصنّف الكتب الّذي يرد الأخذ منه ، ثم يصل الإسناد الموجود في ذلك الكتاب بما اشتبه أوّلاً . فإذا كان إسناد الكتاب مبنيّاً على إسناد سابق ولم يراعه عند انتزاعه حصل الانقطاع في إسناد السند المذكور في الكتب ، ولكن كثرة الممارسة والعرفان بطبقات الرجال تطّلع هذا الحال وتكشفه ، وأكثر مواقعه في انتزاع الشيخ رحمه الله وخصوصاً روايته عن موسى بن القاسم في كتاب الحجّ .
ثمّ قال :
ثمّ اعلم أنه كما كثر الغلط في الأسانيد بإسقاط بعض الوسائط على الوجه الّذي قرّرناه فقد كثر أيضاً بضدّ ذلك ، وهو زيادة بعض الرجال فيها على وجهٍ تزاد به


فائق المقال في الحديث و الرجال
356

الجَرْمي عنهما» . ومعلوم أنّ ضمير «عنهما» لم يسبقه ما يرجع إليه ولا ما يعول عليه .
ولكن ربّما ظهر بعد التتبّع التامّ ـ كروايات موسى بن القاسم الّتي في بعضها ما صورته هكذا : «موسى بن القاسم عن عليّ الجَرْمي عن محمّد بن أبي حمزة ودرست ، عن عبد اللّه بن مسكان» وفي بعضها ما صورته هكذا : «موسى بن القاسم عن الطاطري ، عن محمّد ودرست» وفي بعضها ما صورته هكذا : «موسى بن القاسم عن عليّ بن الحسن الجَرمي ، عن محمّد ودرست» ـ أنّ الضمير في : «عنهما» راجع إلى محمّد ودرست ، وأنّ الغفلة من الشيخ حصلت بسبب الاستعجال .
بل ذكر أنّه وقع منه أيضاً ما يوهم القطع والإرسال مع أنّه ليس في الواقع كذلك ، كما ورد في بعض الأخبار ما صورته : «أخبرني الشيخ رحمه الله عن أبي القاسم جعفر بن محمّد بن قولويه [ عن ]محمّد بن يعقوب ، عن عدّة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن ابن محبوب ، عن شهاب قال : سألته عن ابن عشر سنين يحجّ قال : «عليه حجّة الإسلام إذا احتلم» . الحديث ؛ وحيث لا مرجع لضمير «سألته» يتوهّم القطع في الرواية . ولكن بعد التتبّع التامّ كما سبق إليه التنبيه من بعض الأعلام ، والرجوع إلى أصل المأخذ وهو كتاب الكافي المذكور فيه ما صورته : «عدّة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن ابن محبوب ، عن شهاب ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل اُعتق عشيّة عرفة» وساق الحديث إلى أن قال : «وسألته عن ابن عشر» إلخ . علمنا أنّ الضمير فيه راجع إلى أبي عبد اللّه عليه السلام ، و إن أوهم ذلك بسبب توزيع الحديث من الشيخ إلى الأبواب ، ونقل بعضه دون بعض في غير الباب الذي ذكرت الرواية له أوّلاً كما لا يخفى على من تأمّل ذلك .
ومثله ما ورد في كثير من الأخبار الّتي يظهر القطع فيها . والوجه فيها ما ذكر .
ومنه أيضاً ما أورده الشيخ ممّا صورته هكذا : «مسمع بن عبد الملك عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال : لو أنّ مملوكاً حجّ ثمّ اُعتق كان عليه فريضة الإسلام إذا استطاع إليه سبيلاً» . ولا يخفى أنّ رواية الشيخ عن مسمع ظاهرها الإرسال ؛ إذ ليس له روايات

  • نام منبع :
    فائق المقال في الحديث و الرجال
    المساعدون :
    قيصريه ها، غلامحسين
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1422 ق / 1380 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 73648
الصفحه من 376
طباعه  ارسل الي