183
مناقب علی بن ابیطالب علیه السلام

الدجى ، وداعيا إلى المحجة العظمى ، ومستمسكا بالعروة الوثقى ، وساميا إلى الغاية القصوى ، وعالما بما في الصحف الاُولى ، وعاملاً بطاعة الملك الأعلى ، وعارفا بالتأويل والذكرى ، ومتعلّقا بأسباب الهدى ، وحائدا عن طرقات الردى ، وساميا إلى المجد والعلى ، وقائما بالدين والتقوى ، وسيّد من تقمّص وارتدى بعد النبيّ المصطفى ، وأفضل من صام وصلّى ، وأفضل من ضحك وبكى ، وصاحب القبلتين ، فهل يساويه مخلوق يكون أو كان ، كان واللّه ، للأسد قاتلاً ، ولهم في الحرب حائلاً ، على مبغضيه لعنة اللّه ولعنة العباد إلى يوم التناد . ۱

۲۴۶.ابن مردويه ،عن ضرار نحو حديث ابن عباس في مدح عليّ بن أبي طالب ، أو أبلغ من ذلك . ۲

1.الطرائف ، ص ۵۰۷ .

2.نفس المصدر ، ص ۵۰۸ . روى حديث ضرار عدد غفير من أئمة الحديث والأدب ، منهم :أبو عليّ القالي في أماليه (ج ۲ ، ص ۱۴۳) ، وابن عبد البر في الإستيعاب المطبوع بهامش الإصابة (ج ۳ ، ص ۴۴) ، والزمخشري في ربيع الأبرار (ج ۱ ، ص ۸۳۵) ، وأبو نعيم في حلية الأولياء (ج ۱ ، ص ۸۴) ، واللفظ له ، قال : دخل ضرار بن ضمرة الكناني على معاوية ، فقال له : صف لي عليّا . فقال : أو تعفيني يا أمير المؤمنين ، قال : لا أعفيك . قال : أما إذا لابد فإنّه كان واللّه ، بعيد المدى ، شديد القوى ، يقول فصلاً ، ويحكم عدلاً ، يتفجر العلم من جوانبه ، وتنطق الحكمة من نواحيه ، يستوحش من الدنيا وزهرتها ، ويستأنس بالليل وظلمته ، كان واللّه ، غزير العبرة ، طويل الفكرة ، يقلّب كفّه ، ويخاطب نفسه ، يعجبه من اللباس ما قصر ، ومن الطعام ما جشب ، كان واللّه كأحدنا ، يدنينا إذا أتيناه ، ويجيبنا إذا سألناه ، وكان مع تقرّبه إلينا وقربه منّا لا نكلمه هيبة له ، فإن تبسم فعن مثل اللؤلؤ المنظوم ، يعظّم أهل الدين ويحب المساكين ، لايطمع القوي في باطله ، ولاييأس الضعيف من عدله ، فأشهد باللّه لقد رأيته في بعض مواقفه وقد أرخى الليل سدوله ، وغارت نجومه ، يميل في محرابه قابضا على لحيته ، يتململ تململ السليم ، ويبكي بكاء الحزين ، فكأني أسمعه الآن وهو يقول : يا ربّنا يا ربّنا ـ يتضرع إليه ـ ثمّ يقول للدنيا : إليَّ تغرّرت ، إليَّ تشوّفت ، هيهات هيهات ، غرّي غيري ، قد بتتك ثلاثا ، فعمركِ قصير ، ومجلسكِ حقير ، وخطركِ يسير ، آه آه من قلّة الزاد ، وبعد السفر ، و وحشة الطريق . فوكفت دموع معاوية على لحيته مايملكها ، وجعل ينشّفها بكمّه ، وقد اختنق القوم بالبكاء . فقال : كذا كان أبو حسن رحمه الله ! كيف وجدك عليه يا ضرار ؟ قال : وجد من ذبح واحدها في حجرها ، لاترقأ دمعتها ، ولايسكن حزنها . ثمّ قام فخرج .


مناقب علی بن ابیطالب علیه السلام
182

لا يعنيني ، وارزقني حسن النظر فيما يرضيك عنّي ، اللهمّ بديع السموات والأرض ذا الجلال والإكرام ، والعزة الّتي لاترام ، أسألك يا اللّه يا رحمان ، بجلالك ونور وجهك أن تلزم قلبي حفظ كتابك كما علمتني ، وارزقني أن أتلوه على النحو الّذي يرضيك عنّي ، اللهمّ بديع السموات والأرض ، ذا الجلال والإكرام ، والعزة الّتي لاترام ، أسألك يا اللّه يا رحمان ، بجلالكَ ونور وجهكَ أن تنوّر بكتابك بصري ، وأن تطلق به لساني ، وأن تفرّج به عن قلبي ، وأن تشرح به صدري ، وأن تغسل به بدني ، فإنه لايعينني على الحق غيرك ، لايؤتيه إلاّ أنتَ ولاحول ولا قوة إلاّ باللّه العليّ العظيم . يا أبا الحسن ، تفعل ذلك ثلاث جمع أو خمسا أو سبعا بإذن اللّه تعالى ، والّذي بعثني بالحق ما أخطأ مؤمنا قطع» .
قال ابن عباس ـ رضي اللّه عنهما ـ : فواللّه ، ما مكث عليّ رضى الله عنه إلاّ خمسا أو سبعا حتّى جاء رجلٌ رسول اللّه صلى الله عليه و سلمفي مثل ذلك المجلس فقال : يا رسول اللّه ، إنّي كنت فيما خلا آخذ الأربع آيات ونحوهن فإذا قرأتهن على نفسي تفلّتن ، وأنا أتعلم اليوم أربعين آية ونحوها فإذا قرأتها على نفسي فكأنّما كتاب اللّه بين عيني ، ولقد كنت أسمع الحديث فإذا رددته تفلّت ، وأنا اليوم أسمع الأحاديث فإذا تحدثت بها لم أخرم منها حرفا . فقال له رسول اللّه صلى الله عليه و سلمعند ذلك : «مؤمن وربّ الكعبة أبا الحسن» . ۱

۲۴۵.ابن مردويه ، قال :سأل معاوية عبد اللّه بن عباس فقال : ما تقول في عليّ بن أبي طالب ؟
فقال : صلوات اللّه على أبي الحسن ، كان واللّه علم الهدى ، وكهف التقى ، ومحلّ الحجى ، وبحر الندى ، وطود النهى ، علما للورى ، ونورا في ظلم

1.الدرّ المنثور ، ج ۴ ، ص ۳۶ . قال : أخرج الترمذي وحسنه ، والحاكم وصححه ، وابن مردويه ، عن ابن عبّاس ... .

  • نام منبع :
    مناقب علی بن ابیطالب علیه السلام
    المساعدون :
    عبد الرزّاق محمد حسين حرزالدين
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1380 ش
    الطبعة :
    الاولی
عدد المشاهدين : 47333
الصفحه من 423
طباعه  ارسل الي